السؤال
ما حكم من يدعو بتيسير المحرمات؟ وهل يمكن أن يقصد الاستهزاء عند دعائه؛ فيكفر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك تواصلك مع موقعنا -أيها الأخ-، ولكنك أكثرت علينا من الأسئلة المتكلفة حول قضايا التكفير، وظاهر أن أسئلتك نابعة من فرط الوسوسة التي تعاني منها، فنسأل الله لك العافية منها.
والعلاج الذي ينبغي لك الأخذ به: هو الإعراض عن الوساوس جملة، والكف عن التشاغل بها، وقطع الاسترسال معها، وعدم السؤال عنها، والضراعة إلى الله بأن يعافيك منها.
ومن الحسن كذلك مراجعة الأطباء النفسيين؛ لعلاج ما ألمّ بك من داء الوسوسة.
وأما محاولة علاج الوسوسة بالإكثار من الأسئلة، وتشقيق المسائل، فلا تشفي من الوسواس، بل إنها غالبًا تزيد الموسوس وسوسة وحيرة، وراجع نصائح لعلاج الوسوسة في الفتاوى التالية: 51601 ، 10355، 215206.
وأما مجرد الدعاء بتيسير المعصية، فهو محرم، لكنه لا يستلزم الاستهزاء بالدعاء، فمجرد الدعاء بتيسير المحرم ليس بكفر، قال القرافي -تحت الفرق الثالث والسبعين والمائتين، بين قاعدة ما هو محرم من الدعاء وليس بكفر، وبين قاعدة ما ليس محرمًا-: القسم الثاني عشر) من الدعاء المحرم الذي ليس بكفر، وهو ما استفاد التحريم من متعلقه، وهو المدعو به؛ لكونه طلبًا لوقوع المحرمات في الوجود. إما للداعي، فكقوله: اللهم أمته كافرًا، أو اسقه خمرًا، أو أعنه على المكس الفلاني، أو وطء الأجنبية الفلانية، أو يسر له الولاية الفلانية، وهي مشتملة على معصية، أو يطلب ذلك لغيره. إما لعدوه، كقوله: اللهم لا تمت فلانًا على الإسلام، اللهم سلّط عليه من يقتله أو يأخذ ماله. وإما لصديقه، فيقول: اللهم يسر له الولاية الفلانية، أو السفر الفلاني، أو صحبة الوزير فلان، أو الملك فلان، ويكون جميع ذلك مشتملًا على معصية من معاصي الله تعالى. فجميع ذلك محرم تحريم الوسائل، ومنزلته من التحريم منزلة متعلقه، فالدعاء بتحصيل أعظم المحرمات، أقبح الدعاء، ويروى: من دعا لفاسق بالبقاء، فقد أحب أن يعصى الله تعالى، ومحبة معصيته تعالى محرمة، فدل ذلك على أن الدعاء بالمحرم، محرم. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني