السؤال
عمري 38 عاما، وأخي 34 عاما، ولنا أب تخلى عنا منذ كنا صغارا، لما كبرت بحثت عنه، وخصصت له مبلغا ماليا، معتقدة أنه تخلى عن حياة الفساد والخمر، فأصبح يزعجني باتصالاته اللامتناهية في اليوم، بحجة الاطمئنان علي، ولما أصبح الأمر غير مطاق، سألته عن السبب الحقيقي. فقال إنه يريد مالا أكثر؛ فرفضت.
إنني لا أحس به كأب، بل كرجل غريب، عندما يراني يعانقني، ويتأمل النظر إلى مفاتني، وناداني مرة بأختي، ذكرته بأنني ابنته ولست أخته، ومنذ ذلك الوقت ابتعدت عنه.
ولما سمع بزفافي، جاء بملابس رياضية، مخمورا، وبعلكة في فيه.
سؤالي: هل أنا آثمة في الابتعاد عن هذا الأب، وهل يجوز أن أعطيه مالا ينفقه في الحرام، مع أنني أعاني كثيرا للحصول على هذا المال (أرادت أمي التي طلقها ثلاث مرات أن تتدخل، فسبها في شرفها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأب ملزم شرعا بأن ينفق على من لا مال له من أولاده، وأن يقوم على مصالحهم في دينهم ودنياهم، والتفريط في ذلك جناية منه عليهم، وتقصير في حقهم، سيسأل عنه أمام الله عز وجل يوم القيامة. ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتويين: 27139، 218887.
فإن كان الحال ما ذكرت من تخلي أبيكم عنكم منذ صغركم، ولم يكن له عذر في ذلك، فلا شك في أنه قد أساء إساءة عظيمة. ولكن إساءته لا تسقط بره والإحسان إليه، ومن الإحسان إليه إعطاؤه ما يحتاج إليه من مال على وجه لا يضر بالولد، وعصيانه لا يمنع إعطاءه، ما لم يغلب على الظن أو يعلم أنه طلب هذا المال ليستعين به على المعصية.
وانظري الفتوى رقم: 26699.
ومن أعظم الإحسان إليه أيضا السعي في إصلاحه وهدايته إلى الحق، بالدعاء له بخير، ومناصحته بالحسنى، وتسليط بعض الفضلاء عليه عسى الله عز وجل أن يتوب عليه.
وإن عانقك أو نظر إليك على وجه مريب، فهذا منكر عظيم، واجتنابك له ومعاملته معاملة الأجنبي هو الصواب، بل هو الواجب كما بينا في الفتوى رقم: 78360.
ومن المنكر أيضا سبه لأمك ونيله من شرفها. وراجعي الفتوى رقم: 18354.
والله أعلم.