السؤال
ما حكم صيام من يأخذ في مسألة الصيام في كل جزئية بمذهب، فمثلاً ابتلاع البلغم يأخذ القول على أنه غير مفطر، ويأخذ مسألة أخرى من مذهب آخر بحيث تكون صحة صيامه ملفقة بين عدة مذاهب؟ وهذا يحدث كثيراً، حيث أرى في موقعكم أحياناً إجابة السائل بفتوى أحد العلماء أو المذاهب دون معرفة على مذهب من يصوم السائل، والشيوخ عندما يجيبون أحداً في جزئية من الصيام لا يسألونه على أي مذهب يصوم. وقد قرأت أن التلفيق في المسألة الواحدة يجعل العمل باطلاً، فهل الصيام أو الصلاة أو الحج يعتبر مسألة واحدة؟ أم كل جزئية تعتبر مسألة حيث إن كثيراً من الناس يسألون عالماً في جزئية فيجيبه فتصبح صلاته أو صيامه ملفقاً بين مذهبين أو أكثر؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التلفيق بين المذاهب يعتبر مذموما إذا كان في مسألة واحدة لا مسائل متعددة، جاء في الموسوعة الفقهية: المراد بالتلفيق بين المذاهب أخذ صحة الفعل من مذهبين معاً بعد الحكم ببطلانه على كل واحد منهما بمفرده, ومثاله: متوضئ لمس امرأة أجنبية بلا حائل وخرج منه نجاسة كدم من غير السبيلين, فإن هذا الوضوء باطل باللمس عند الشافعية, وباطل بخروج الدم من غير السبيلين عند الحنفية, ولا ينتقض بخروج تلك النجاسة من غير السبيلين عند الشافعية, ولا ينتقض أيضا باللمس عند الحنفية، فإذا صلى بهذا الوضوء, فإن صحة صلاته ملفقة من المذهبين معا, وقد جاء في الدر المختار: أن الحكم الملفق باطل بالإجماع.
وفي الموسوعة أيضا: والتلفيق المقصود هنا هو ما كان في المسألة الواحدة بالأخذ بأقوال عدد من الأئمة فيها، أما الأخذ بأقوال الأئمة في مسائل متعددة فليس تلفيقا، وإنما هو تنقل بين المذاهب أو تخير منها. انتهى.
وبناء على ما سبق, فإن مسائل الصيام المختلفة يجوز فيها التلفيق بين المذاهب، يقول الشيخ وهبة الزحيلي في كتاب الوجيز في علم أصول الفقه: أما التلفيق بأخذ رأي مذهب مثلًا في الوضوء، ثم الأخذ برأي مذهب آخر في وضوء آخر، فلا مانع، أو الأخذ برأي مذهب آخر في جزئية في الوضوء لكنها لا تتنافى مع المذهب الأول، كمن توضأ كاملًا مع السنن حسب المذهب الشافعي ومسح جميع رأسه، ودلك الأعضاء، ثم لمس امرأة أجنبية، فيجوز له أن يصلي بذلك الوضوء باعتبار أنه لم ينقض حسب المذهب الحنفي. انتهى.
وبخصوص التعرف على مذهب السائل قبل الإجابة على سؤاله, فهذا غير لازم, فقد يكون السائل غير متبع لمذهب معين, وراجع الفتوى رقم: 56633.
وقد تبين لنا من خلال أسئلة سابقة أن لديك وساوس كثيرة، نسأل الله تعالى أن يشفيك منها, وننصحك بالإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها, فإن ذلك من أنفع علاج لها، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.