السؤال
ما حكم الجهر في الصلاة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالجهر بالقراءة في الصلاة يُسنُّ للإمام في مواضع الجهر كصلاة الصبح والجمعة والعيدين، والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، والتراويح والوتر في رمضان. ويُسرُّ في مواضع الإسرار: كصلاة الظهر والعصر. قال ابن قدامة في المغني: والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإن جهر في موضع الإسرار أو أسرَّ في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته. أما المأموم فلا يشرع له الجهر بلا خلافٍ؛ وذلك لأنه مأمور بالإنصات للإمام، والاستماع له، ولئلا يشوش على الإمام. أما صلاة المنفرد، فالجمهور على أنه يُسنُّ له الجهر في صلاة الصبح، والأوليين من المغرب والعشاء. قال النووي في المجموع: المنفرد كالإمام في الحاجة إلى الجهر للتدبر، فسنَّ له الجهر كالإمام وأولى؛ لأنه أكثر تدبرًا لقراءته لعدم ارتباط غيره، وقدرته على إطاقة القراءة. وهو مخير في صلاة الليل بين الجهر والإسرار، لحديث عائشة رضي الله عنها، أنها سُئِلتْ: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته من الليل إذا قرأ؟ قالت: نعم، ربما رفع، وربما خفض. رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح. لذا قال ابن القيم في زاد المعاد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ بالقراءة في صلاة الليل تارة، ويجهر بها تارة. لكن لا يشرع له الجهر إذا كان فيه أذىً لغيره من مصلٍّ أو قارئٍ؛ لما رواه مالك في الموطأ وغيره عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: ألا إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذينَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة - أو قال - في الصلاة. قال ابن عبد البر في التمهيد: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان. أما صلاة الظهر والعصر، وصلاة الضحى، والسنن الرواتب، وباقي نوافل النهار، فإن السنة فيها الإسرار. قال الحسن البصري : صلاة النهار عجماء لا يرفع بها الصوت، إلا الجمعة والصبح، وما يرفع. وقال النووي في المجموع: وأما السنن الراتبة مع الفرائض فيسرّ بها كلها باتفاق أصحابنا، ونقل القاضي عياض في شرح مسلم عن بعض السلف الجهر في سنة الصبح، وعن الجمهور الإسرار. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني