السؤال
إمام المسجد في المدينة التي أسكن بها في نهاية شهر نوفمبر من كل سنة يقوم بتأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها حتى لا يبقى على صلاة العصر إلا اليسير، وبعد الصلاة ينتظرون حوالي 10 دقائق... حتى يؤذن للعصر فيصلون العصر في أول وقته بعد الأذان مباشرة، وقال إن هذا يسمى جمعا صوريا وأن الرسول صَلى الله عليه وسلم قد فعله، وأعتقد أن هذا الفعل لا يوجد له مبرر، فصلاة الظهر تكون في الحادية عشرة وأربعين دقيقة، وصلاة العصر حوالي الساعة الواحدة وخمسين دقيقة ـ ساعتان بين الظهر والعصر ـ فهل يحق لنا أن نصلي في موعد صلاة الظهر الأصلي؟ أم نصلي معه منعا للخلاف واجتناب جماعتين في مسجد واحد، وهو إمام راتب؟ وأنا أتجنب الصلاة في هذا المسجد وأصلي في مسجد آخر...
وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن وقت الظهر يبدأ بزوال الشمس عن كبد السماء، ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، وما دامت الجماعة الذين أشرت إليهم يصلون الظهر قبل دخول وقت العصر بعشر دقائق أو نحوها، فهذا يعني أنهم صلوها في وقتها، فلا إثم عليهم، وإن كان قد فاتهم أجر المبادرة إلى الصلاة، فإن الصلاة في أول وقتها أعظم أجرا؛ إلا ما جاء الشرع باستحباب تأخيره كالظهر في شدة الحر، فإنه يستحب تأخيرها، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ, فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخر الظهر وعجل العصر، فقد روى النَّسَائِيّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا، أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ.
وقد قال جمع من أهل العلم إن هذا الجمع صوري بِأَنْ يَكُونَ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَعَجَّلَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وأنه فعله لكي لا يحرج أمته، فإذا وجد شيء من الحرج في عدم الجمع الصوري، فلا بأس به، وانظر الفتوى رقم: 23055 عن المفاضلة بين إدراك فضيلة أول الوقت وبين أدائها جماعة في آخر الوقت.
والخلاصة أنه لا داعي لتجنب هذا المسجد لهذا التأخير ما دام الوقت الاختياري لم يخرج.
والله أعلم.