السؤال
هل يجوز للكافر أن يمس كتب العلم الشرعي كالتفسير والحديث والعقيدة، وغيرها كالنحو والأدب، وهل يجوز بيعها له وإهداؤها إليه، وإذا لم يرد الكافر من كل ذلك أن يسلم، فهل تجوز الأمور السابقة؟
هل يجوز للكافر أن يمس كتب العلم الشرعي كالتفسير والحديث والعقيدة، وغيرها كالنحو والأدب، وهل يجوز بيعها له وإهداؤها إليه، وإذا لم يرد الكافر من كل ذلك أن يسلم، فهل تجوز الأمور السابقة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز تمكين الكافر من كتب العلم الشرعي والذكر بأي وجه كان ذلك التمكين من بيع أو هبة أو غيره، وذلك خشية إهانته لها لأنهم في الغالب لا يتحرزون من وضعها في الأماكن القذرة ورميها ووضعها كوسائد، وغير ذلك من أشكال الإهانة. أما المصحف فلا يجوز تمكينهم منه قطعاً إلا ما كان من كتابه الآية والآيتين ولنورد بعض أقوال العلماء في ذلك: قال الباجي في شرح الموطأ: مسألة: ولو كان أحد من الكفار رغب أن يرسل إليه بمصحف يتدبره لم يرسل إليه به لأنه نجس جنب ولا يجوز له مس المصحف، ولا يجوز لأحد أن يسلمه إليه ذكره ابن المجاشون، وكذلك لا يجوز أن يعلم أحد من ذراريهم القرآن؛ لأن ذلك سبب لتمكنهم منه، ولا بأس أن يقرأ عليهم احتجاجاً عليهم به، ولا بأس أن يكتب إليهم بالآية ونحوها على سبيل الوعظ كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ: وقوله: مخافة أن يناله العدو يريد أهل الشرك لأنهم ربما تمكنوا من نيله والاستخفاف به، فلأجل ذلك منع السفر به إلى بلادهم. وفي شرح الخرشي : (قوله خشية الإهانة) أي بوضعه في الأرض والمشي عليه بنعالهم (قوله فيه الآيات إلخ) يتعارض معنى الجزء من القرآن، إلا أن في شرح عبد الباقي أن المراد بالمصحف ما قابل الكتاب الذي فيه كالآية، وينبغي تحريم السفر بكتب الحديث كالبخاري لاشتماله على آيات كثيرة وحرمة ما ذكر، ولو طلبه الملك ليتدبره خشية الإهانة (قوله والمصحف قد يسقط ولا نشعر به) فيأخذونه فتحصل منهم إهانته. وفي شرح الحصكفي : ونهينا عن إخراج ما يجب تعظيمه ويحرم الاستخفاف به كمصحف وكتب فقه وحديث وامرأة، ولو عجوز لمداواة هو الأصح ذخيرة وأراد بالنهي ما في مسلم: لا تسافروا بالقرآن في أرض العدو (إلا في جيش يؤمن عليه) فلا كراهة لكن إخراج العجائز والإماء أولى (وإذا دخل مسلم إليهم بأمان جاز حمل المصحف معه إذا كانوا يوفون بالعهد)؛ لأن الظاهر عدم تعرضهم هداية. وفي المجموع لـ النووي : الحادية عشر: اتفقوا على أنه لا يجوز المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه في أيديهم لحديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو واتفقوا أنه يجوز أن يكتب إليهم الآية والآيتان وشبههما في أثناء كتاب، لحديث أبي سفيان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم كتابًا فيه: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الآية. وفي الآداب الشرعية: ويحرم السفر به إلى أرض العدو للخبر المتفق عليه. وقيل إن كثر العسكر وأمن استيلاء العدو عليه فلا، لقوله في الخبر مخافة أن تناله أيديهم . وقال في المستوعب: يكره أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو إلا أن يكون العسكر كثيرًا فيكون الغالب فيه السلامة، والأول هو الذي ذكره في الشرح وقدمه في الرعاية. وللإمام ونائبه أن يكتبا في كتبهما إلى الكفار آيتين أو أقل كالتسمية في الرسالة. اهـ ومن أقوال الفقهاء يتبين أن العلة في النهي عن ذلك هي خشية الإهانة، فإذا تيقن الشخص أن هذا الكافر لن تحصل منه أي إهانة جاز له أن يمكنه من كتب العلم الشرعي فحسب. أما القرآن فلا يجوز ولو تيقن عدم الإهانة لأن الكافر جنب لا يجوز له مسه، أما مسه غير القرآن من كتب العلم فجائز ما لم يكن القرآن هو الأكثر. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني