السؤال
كرهت شخصًا بسبب بعض التصرفات، وكنت أدعو أن يبتعد عنا، كأن يأتيه رزق في دولة أخرى، حتى لا أدعو عليه بالموت، فتعب فجأة، ولما علمت قلت: (ياكش يموت علشان نرتاح)، فزاد تعبه، ومات بعد ثلاثة أيام، فهل أنا سبب موته؟
أنا نادمة أشد الندم على هذه الجملة، وحزينة جدًّا، ولا أعلم ماذا أفعل، وأخاف أن يكون مات بسبب هذه الجملة التي لا أعلم هل هي مجرد تمنٍّ للموت، أم هي تعدّ من الدعاء عليه، واستجيبت الدعوة، فأرجو منكم الإفادة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء على الشخص بمجرد الصرف عنكم؛ لأنك تكرهينه، أو لا ترضين عن تصرفاته، لا حرج فيه في حدّ ذاته، ما لم يترتب عليه إثم، أو قطيعة رحم، أو غير ذلك مما لا يجوز شرعًا، فلا يجوز لك الدعاء عليه بالصرف في هذه الحالة، ما لم يكن في تصرفاته ظلم لكم.
ومن باب أحرى لا يجوز الدعاء عليه بالموت، إلا إذا كان قد ظلمكم ظلمًا بينًا يناسب الدعاء عليه بالموت، فلا حرج عليكم في الدعاء عليه بما يناسب ظلمه؛ لأن الدعاء على الظالم مشروع بقدر مظلمته، قال الله تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء: 148}.
جاء في تفسير ابن كثير عن ابن عباس: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ، يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلومًا، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه. وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 115193، 22409، 107843 وما أحيل عليه فيها.
أما إذا كان ظلمه يسيرًا، فلا يجوز الدعاء عليه بما هو أعظم من ظلمه، وإلا كنت معتدية في دعائك آثمة به؛ لقوله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {الشُّورى:40}.
وأولى إذا لم يكن منه ظلم أصلًا، وكان الأمر مجرد تصرفات تخصه، ولا يترتب عليها ضرر للغير؛ فإن الدعاء عليه، وتمني الموت له، يكون محض ظلم وعدوان، واعتداء في الدعاء، وفي هذه الحالة عليك أن تتوبي إلى الله تعالى، وتستغفريه.
والله أعلم.