السؤال
طلب صديقي مبلغًا لإنهاء عمل تجاري، على أن يعيده خلال ثلاثة أيام مضاعفًا عشر مرات، وانقضت المهلة ولم أحصل على شيء، وطلب مبلغًا آخر لإنهاء العمل المؤجل، وإلا فإننا سنخسر المبلغ المسحوب مسبقًا، ووعدني أن يعيد المبلغين مضافًا إليهما 3% من ربح تجارته المعلوم، وانقضت سنة على الاتفاق، ولم أحصل منه على شيء، فما حكم هذه العملية؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن العملية الأولى محرمة شرعًا، فإن كان المبلغ قرضًا منك لصاحبك، فهو قرض جرّ نفعًا، وهذا هو الربا، جاء في المغني لابن قدامة: وكل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة، أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا ـ وقد روي عن أبيّ بن كعب، وابن عباس، وابن مسعود، أنهم نهوا عن قرض جر منفعة، ولأنه عقد إرفاق، وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه. اهـ.
وكذلك إن كان المبلغ من أجل الشراكة في التجارة، فالمعاملة محرمة أيضًا، فإن من شروط صحة الشركة أن تكون حصة الشريك من الربح ـ إن حصل ـ نسبة شائعة منه، لا مبلغًا محددًا، جاء في المغني لابن قدامة: وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءًا وعشرة دراهم، بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما، أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، وممن حفظنا ذلك عنه مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. اهـ.
وراجع في أحكام الشركة الفاسدة وما يترتب عليها الفتوى رقم: 179429.
وكذلك المعاملة الثانية: إن كانت قرضًا، فهي معاملة محرمة.
وأما إن كانت شراكة: فإن كان قولك: مضافًا إليه 3% من ربح تجارته المعلوم ـ يعني أن حصتك من ربح المبلغ الثاني محدد بنسبة 3% إن حصل ربح، لا بمبلغ معين، فالشراكة حينئذ لا إشكال فيها من جهة تحديد الربح، لكن تبقى إشكالية أخرى وهي ضمان رأس المال، فإن اشتراط ضمان رأس المال في الشركات شرط باطل بالإجماع، لكن اختلف العلماء هل مثل هذا الشرط يفسد عقد الشراكة أم لا، وقد فصلنا الكلام عن هذه القضية في الفتوى رقم: 261628.
والله أعلم.