السؤال
أفتني يا شيخ: حصلت بيني وبين زوجتي مشكلة في رمضان وقت الفطور، وقت أذان المغرب، وكثر الكلام في الأخذ والرد، ومع التعب وشدة العطش والجوع، وكنت غاضبا جدا، تلفظت بكلمة أنت طالق، لا أدري كيف خرجت من الغضب والتعب، حتى إننا لم نفطر إلا على شربة ماء وتمر، المهم ندمت ولا أدري هل حصل الطلاق، أم هذا يدخل في طلاق الغضبان الذي لا يقع، ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. والله يعلم بأني كنت لا أدري ماذا أقول من الغضب، وعدم الإدراك.
وهل يجوز لي أن آخذ برأي شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ولا تحسب طلقة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.
دعواتكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّك ما دمت تلفظت بطلاق امرأتك، مدركاً، غير مغلوب على عقلك، فقد وقع طلاقك ولو كان وقت الغضب الشديد.
قال الرحيباني -رحمه الله-: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ، وَقَتْلِ نَفْسٍ، وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَطَلَاقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وإذا لم تكن تلك الطلقة مكملة للثلاث، فلك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا، في الفتوى رقم: 54195
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع طلاق الغضبان إذا اشتد غضبه، ولو لم يزل عقله بالكلية، وراجع الفتوى رقم: 11566
ولا حرج عليك في العمل بقول من يرى عدم وقوع الطلاق حال الغضب الشديد، وراجع الفتوى رقم: 241789
واعلم أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: " لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ لَا تَغْضَبْ" رواه البخاري.
قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. جامع العلوم والحكم.
والله أعلم.