السؤال
هل أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم في الجاهلية حجة لنا أو نحتج بها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحوال نبينا صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة لا يحتج بها في الشريعة، ولا يلزم الاقتداء به في تلك الفترة، فقد كان صلى الله عليه وسلم في تلك الفترة بشراً كسائر البشر غير متميّز عنهم بشيء، فلم يكن مكلفا ولا مرسلا قبل نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم، وقد بحث الأصوليون أفعاله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وقالوا: إنه لم يكن مكلفا في تلك الفترة، وقرروا أنه لا يجب الاقتداء بما قال أو فعل، قال العلوي في المراقي:
ولم يكن مكلفا بشرعِ صلى عليه الله قبل الوضع.
وقال الأشقر في أَفْعَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَدَلاَلَتَهَا عَلَى الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ: وهي مسألة يتداولها الأصوليون، ولكن قال القرافي: قال المازري وإمام الحرمين: هذه المسألة لا تظهر لها ثمرة في الأصول ولا في الفروع البتة، بل تجري مجرى التواريخ، ولا ينبني عليها حكم في الشريعة، وقد نقل أصحاب السِّيَر وأصحاب السنن كثيراً من أفعاله وأحواله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وليس المراد بنقولهم هذه أن تكون موضعاً لاستنباط الأحكام الشرعية والاقتداء بما قال أو فعل، وإنما كان مرادهم أن ينقلوا ما يستدلّ به على أحواله التي تنفع في المعرفة بنبوّته وصدقه، قال ابن تيمية: فهذه الأمور ينتفع بها في دلائل النبوّة كثيراً، ولذلك يُذكَر مثل ذلك في كتب سيرته، كما يذكر فيها نسبه وأقاربه، وغير ذلك مما يعلم به أحواله... ثم ذكر ابن تيمية أن كتب الحديث قد تذكر أشياء مما حدث قبل النبوة، ولكنها لا تؤخذ لتشرع... بل قد أجمع المسلمون على أن الذي فرض الله على عباده الإيمان به والعمل هو ما جاء به بعد النبوة.
ولكن يمكن أن يُقتدى به صلى الله عليه وسلم في أخلاقه ومعاملاته التي تميز بها وعرف قبل البعثة، كما قال الأشقر في أفعال الرسول: وإن لم يكن قد كلّف بأعباء الرسالة، لكنه قد صنعه على عينه، وجده يتيماً فآواه، وعائلاً فأغناه، وأدّبه فأحسن تأديبه، وهذا يقتضي أن بعض العادات التي تميّز بها، وأُثرت عنه في ذلك العهد، يمكن أن تكون موضع قدوة. وهذا إنما يكون فيما يظهر حسنه ولا يخالف شرعاً.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني