السؤال
لدي ابن مريض بثقب في القلب، وحالته ربما تشفى تلقائيا أو بجراحة، وقد قال الطبيب بأنه لو حدث جديد في الحالة فسوف نحتاج تدخلا وأناـ والحمد لله ـ أستعين بالله على الصبر والقرب من الله، وأدعو الله أن يشفيه من عنده ويرفع عنا هذا البلاء، ولكنني من الداخل أشعر بضيق شديد جدا في صدري لا يذهب إلا في وقت الصلاة، وعندما أفرغ من الصلاة يعاودني هذا الإحساس، فهل هذا ضعف إيمان أم شعور طبيعي؟
وبسبب هذا الموضوع لا أقدر أن أمارس حياتي بشكل طبيعي، وخصوصا علاقتي بزوجي، فهل هذا حرام أم هو إحساس طبيعي؟ وقد سببت لي هذه الأزمة مشاكل مع زوجي وتركت المنزل، فهو يريد أن أفوض أمري لله وأمارس حياة طبيعية، وأنا أفوض أمري لله، ولكنني لا أقدر أن أمارس حياتي بشكل طبيعي....
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرضا بالقدر من أسباب سعادة الإنسان وفلاحه في الدنيا والآخرة، وهو لا ينافي الحزن والتألم للمصائب ما دام القلب مطمئناً مستسلماً لقدر الله غير متسخط عليه، واللسان لا ينطق إلا بما يرضي الله، قال ابن القيم رحمه الله: وليس من شرط الرضا ألا يحس بالألم والمكاره، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه، ولهذا أشكل على بعض الناس الرضا بالمكروه وطعنوا فيه وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة، وإنما هو الصبر، وإلا فكيف يجتمع الرضا والكراهية، وهما ضدان، والصواب: أنه لا تناقض بينهما وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضا كرضا المريض بشرب الدواء الكريه، ورضا الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمأ، ورضا المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها.
لكن على العبد ألا يستسلم للحزن، فإنّه إذا تمادى فيه بحيث أدى به إلى التقصير في الواجبات كان مؤاخذاً عليه، جاء في تسلية أهل المصائب للمنبجي: ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهي عنه، وكان حسب صاحبه الإثم عنه من جهة الحزن، وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله به ورسوله كان مذموماً عليه من تلك الجهة.
فجاهدي نفسك على التجلد والصبر، وعاشري زوجك بالمعروف، وفوضي أمرك إلى الله، واعلمي أنّ قدر الله كله حكمة ورحمة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، فلا يقضي للعبد إلا ما فيه الخير، قال سبحانه وتعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}
واجتهدي في تحصيل أسباب زيادة الإيمان وانشراح الصدر، وقد بينا بعضها في الفتاوى التالية أرقامها:118940، 26806، 50170.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات النفسية بالموقع.
والله أعلم.