السؤال
ما صحة نسبة هذه الأقوال لجعفر الصادق: "الصاعقة تصيب المؤمن وغير المؤمن، ولا تصيب المستغفر"، وفي قول آخر: "لا تصيب الذاكر".
عن ابن عباس: من قال عند سماع الرعد: سبحان من سبح الرعد بحمده، والملائكة من خشيته ثلاث مرات، لم يضره الرعد.
وعن ابن عباس ما يشابه قول جعفر الصادق، فأرجو تبيان صحة الأقوال، وهل هناك آثار عن الرعد وكيفية النجاة منه؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أثر جعفر قد أخرجه ابن أبي حاتم بلفظ قريب مما في السؤال، فقد قال -رحمه الله-: حدثنا أبي، ثنا عمرو بن عون، ثنا عبد السلام بن حرب، عن زياد بن خثيمة، عن أبي جعفر قال: الصاعقة تصيب المؤمن والكافر، ولا تصيب ذاكرًا لله عز وجل. اهـ.
ولم نقف على من حكم على هذا الأثر بصحة ولا ضعف، ولكن السند المذكور رجاله ثقات، فأبو حاتم هو الإمام الحافظ شيخ المحدثين، كما قال الذهبي، وعمرو بن عون، وعبد السلام بن حرب روى لهما الشيخان، وزياد روى له الإمام مسلم، ومن المعلوم أن أبا جعفر إمام من أئمة التابعين، ولكنه لم يعز هذا الكلام، ولم يسنده.
وأما ما ذكرت عن ابن عباس: فلم نعثر عليه بهذا اللفظ، وقد ورد بعض الآثار في شأن الرعد منها ما في تفسير البغوي: عن ابن عباس قال: من سمع صوت الرعد فقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، وهو على كل شيء قدير، فإن أصابته صاعقة فعلي ديته.
وعن عبد الله بن الزبير: أنه كان إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث: وقال: سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، ويقول: إن هذا الوعيد لأهل الأرض شديد. اهـ.
وهذا الأثر المروي عن ابن الزبير رواه البخاري ـ رحمه الله ـ في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وأما أثر ابن عباس: فقد رواه سعيد بن منصور، وضعف سنده المحقق الدكتور سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد، ولكنه ثبت أن ابن عباس كان إذا سمع صوت الرعد قال: سبحان الذي سبحت له، روى البخاري في الأدب المفرد: أن ابن عباس كان إذا سمع صوت الرعد قال: سبحان الذي سبحت له، وقال: إن الرعد ملك ينعق بالغيث، كما ينعق الراعي بغنمه. هو حديث حسن، حسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الأدب المفرد.
وروى الترمذي ـ رحمه الله ـ عن ابن عباس، قال: أقبلت يهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عن الرعد، ما هو؟ قال: ملَكٌ من الملائكة وُكلَ بالسحاب، معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله ـ فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: زَجْرُهُ السحابَ إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر، قالوا: صدقت. وهذا الحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
وقد استحب الجمهور التسبيح عند صوت الرعد، ففي الموسوعة الفقهية: التسبيح عند الرعد مستحب عند الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة, فيقول سامعه عند سماعه: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، اللهم لا تقتلنا بغضبك, ولا تهلكنا بعذابك, وعافنا من قبل ذلك ـ فقد روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-: أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ـ وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كنا مع عمر ـ رضي الله عنه ـ في سفر, فأصابنا رعد وبرق وبرد, فقال لنا كعب -رضي الله عنه-: من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثًا، عوفي من ذلك الرعد, فقلنا فعوفينا. اهـ.
والله أعلم.