السؤال
تعرضت لظلم معنوي قاس، تأذى فيه قلبي وروحي، فالتجأت إلى الدعاء على من ظلمني، ولم أبالغ، بل دعوت عليه أن يذيقه الله من الوجع الذي أذاقني إياه.
ثم سمعت أن ترك الدعاء على الظالم في الدنيا، وتأجيل المظلمة ليوم القيامة أفضل، فأمسكت لساني، وطلبت من الله تأجيل حقي، لكن الألم كان يزداد في نفسي، ورغما عني كنت أعود وأدعو عليه، وأقول: رب اجعل عقابه عاجلا أو آجلا، لكنني الآن أريد أن يكون القصاص يوم القيامة. فكيف ذلك؟ هل يكفي أن أتوقف عن الدعاء، ولا أنتصر لنفسي به؟ أم إن الدعاء ارتفع، وسيجيبني عليه الله في الدنيا، وليس لي حق في الآخرة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المظلوم إذا دعا على ظالمه, فقد انتصر منه, وفاتته فضيلة العفو.
جاء في التنوير على الجامع الصغير للصنعاني: (من دعا على من ظلمه) أي ظلم (فقد انتصر) لنفسه، فلم يبق له أجر على ظالمه، ولا استحقاق عقوبة منه أخرى. فمن أراد بقاء القصاص، سكت عن ظالمه، ولم يدع عليه، وإلا عفا عنه؛ ليكون أجره على الله. فللمظلوم مع ظالمه ثلاث حالات: الانتصاف بالدعاء عليه، أو بالتأخير إلى الآخرة، أو بعفو، فيكون أجره على الله، وهذا أحسنها، وأعودها نفعا للمظلوم. انتهى.
وفي سبل السلام للصنعاني: أخرج أحمد وأبو داود عن عطاء، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: وقد دعت على سارق سرقها ملحفة، لا تسبخي عنه بدعائك عليه. ومعناه لا تخففي عنه الإثم الذي يستحقه بالسرقة. وهذا يدل على أن الظالم يخفف عنه بدعاء المظلوم عليه. انتهى.
وعليه, فإذا كنت قد دعوت على من ظلمك, فقد انتصرت لنفسك, ولا شيء عليك, وفاتتك فضيلة العفو.
لكننا ننبهك على أن الدعاء على الظالم إنما يجوز بقدر مظلمته فقط, لا بأكثر منها, كما سبق في الفتوى رقم: 219643
وعن استجابة دعاء المظلوم, راجعي الفتوى رقم: 301876.
والله أعلم.