السؤال
ما حكم الاسترجاع، وقول: "اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها" في المصائب الدينية، مثل نسيان شيء من القرآن، أو التفريط في شيء من السنة، وغير ذلك؟ فعلى حد علمي أن الحكمة من الاسترجاع في المصائب الدنيوية، تذكر أمر الرجوع إلى الله، فتهون علينا أمور الدنيا، ونطلب الأجر والعوض من الله على ما أُصبنا به في الدنيا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن حكم الاسترجاع عند حلول المصيبة -أي مصيبة مهما كانت- سنة، وهو من العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه تبارك وتعالى، كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155- 157]، وقال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف الله له خيرا منها. رواه مسلم. وانظر الفتوى رقم: 177929.
والمصيبة في الدين أعظم من كل مصيبة، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
ونسيان القرآن الكريم، لا شك أنه من المصائب -نسأل الله العافية- قال الحافظ في الفتح: وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ، مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ مَوْقُوفًا، قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ، إِلَّا بِذَنْبٍ أَحْدَثَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ. وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ. اهـ.
والتفريط في السنة يعد من المصائب كذلك؛ لذلك فإن على المسلم إذا أصيب بنسيان القرآن، أو ابتلي بالتفريط في السنة، أن يسترجع، ويسأل الله تعالى أن يذكره ما نسي، ويعلمه ما جهل، ويعينه على التمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يسعى، ويجتهد في استعادة ذلك.
والله أعلم.