الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضياع أولاد المسلمين .. مدى مسؤوليتهم عن أنفسهم ومسؤولية آبائهم

السؤال

في هذا الزمن، نرى الكثير من الشباب الضائع، أنا أعيش في كندا، وأجد شبابا مسلمين مبتعدين عن دينهم، فمنهم يزني.
ولكن المشكلة أني عندما أسأل عن ماضيهم: أجد أن أبويهما انفصلا وتركا أولادهما، ولم يربيانهم.
فهل هذا النوع من الشباب، الذي لم يجد أبا يربيه في صغره، ويبين له الصراط المستقيم، يلام على الأفعال التي ارتكبها في كبره؟
هل هناك فرق في الإسلام بين ولد علمه والداه الحلال من الحرام، وأصرا على أن يصلي، ويتعلم؛ مما أدى إلى نفس صالحة، وشخص آخر لم يجد في صغره من يعلمه، ويوجهه؛ مما أدى إلى نفس ضعيفة؟
أعرف أن هناك حديثا يأمر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم الأبوين بتعليم، وأمر أولادهما بالصلاة، وحتى ضربهما بعد سن العاشرة.
فما حكم من لم يكن أصلا يجد في صغره من يعلمه أمور الدين، ويربيه؟
عندما أرى شابا عربيا يفعل الفواحش، هل يلام هذا الشاب عندما أجد أنه لم يكن هناك من يعلمه الحلال من الحرام في طفولته؛ مما أدى إلى نفس ضعيفة بدون ضمير، أو إحساس بالمسؤولية؟
هل هؤلاء الناس يحاسبهم الله تعالى كأي إنسان طبيعي؟
الرجاء التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن للآباء أثرا هاما في تربية الأبناء، وقد يكون صلاح الآباء من أسباب صلاح الأبناء، إلا أن هذا ليس بلازم، فكم من أناس صالحين، وأولادهم فاسدون، وبالعكس. وهذا نوح عليه السلام كان من أولي العزم من الرسل، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو إلى الله، وأبى ولده إلا الكفر. فأسباب الهداية لا تنحصر في صلاح الآباء، وتوجيههم للأبناء، ثم إن حكمة الله عز وجل من وراء ذلك. وانظر الفتوى رقم: 242464، وهؤلاء الشباب إن كانوا يعلمون حرمة ما يفعلون، أو كانوا متمكنين من العلم، لكنهم أعرضوا عنه؛ فإنهم يلامون على ذلك، بخلاف من لم يكن متمكنا من العلم أصلا. وانظر الفتويين: 207049، 195345
وعلى ذلك، فمجرد سوء ظروف النشأة، ليس بمجرده عذرا في ارتكاب المحرمات، وترك الواجبات. وإن كان الشخص الذي أنعم الله عليه بمن يبين له الحق، ويعينه على اتباعه، ومع ذلك أصر على اتباع الباطل، لا شك أنه أشد إثما ممن لم يتيسر له من يرشده إلى الحق، ويعينه عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني