السؤال
هناك بعض الأشخاص ينتقدون الإسلام، ومنهم من يقول لو كان الإسلام دين الحق، فلماذا لم يقم رب هذا الدين بحماية الكعبة من هجوم القرامطة؟ ولماذا لم يعاقب الله قائدهم أبو طاهر وتركه يحكم سنين عديدة ومات ميتة طبيعية؟ وكيف أرد على هذا؟.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في كثير من الفتاوى بيان الدلائل والبراهين على صحة الإسلام وأنه الدين الحق، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 54711، 20984 ، 74500.
وأما جواب هذه الشبهة: فقد ذكره الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في البداية والنهاية، حيث قال: وقد سأل بعضهم ههنا سؤالا، فقال: قد أحل الله سبحانه بأصحاب الفيل ـ وكانوا نصارى ـ ما ذكره في كتابه، ولم يفعلوا بمكة شيئا مما فعله هؤلاء، ومعلوم أن القرامطة شر من اليهود والنصارى والمجوس، بل ومن عبدة الأصنام، وأنهم فعلوا بمكة ما لم يفعله أحد، فهلا عوجلوا بالعذاب والعقوبة، كما عوجل أصحاب الفيل؟ وقد أجيب عن ذلك بأن أصحاب الفيل إنما عوقبوا إظهارا لشرف البيت، ولما يراد به من التشريف العظيم بإرسال النبي الكريم، من البلد الذي فيه البيت الحرام، فلما أرادوا إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها وإرسال الرسول منها أهلكهم سريعا عاجلا، ولم يكن شرائع مقررة تدل على فضله، فلو دخلوه وأخربوه لأنكرت القلوب فضله، وأما هؤلاء القرامطة: فإنما فعلوا ما فعلوا بعد تقرير الشرائع وتمهيد القواعد، والعلم بالضرورة من دين الله بشرف مكة والكعبة، وكل مؤمن يعلم أن هؤلاء قد ألحدوا في الحرام إلحادا بالغا عظيما، وأنهم من أعظم الملحدين الكافرين، بما تبين من كتاب الله وسنة رسوله، فلهذا لم يحتج الحال إلى معاجلتهم بالعقوبة، بل أخرهم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الأبصار، والله سبحانه يمهل ويملي ويستدرج ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ـ ثم قرأ قوله تعالى: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار {إبراهيم: 42} وقال: لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جنهم وبئس المهاد {آل عمران: 196} وقال: نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ {لقمان: 24} وقال: متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون {يونس: 70}. انتهى.
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 190733.
والله أعلم.