السؤال
اتفقت مع أحد أقربائي على بيع قطعة أرض أمتلكها بالقسط، على أن يتم سداد ثمنها خلال عامين، فيسدد 42500 دينار خلال العام الأول، وإذا لم يستطع السداد يصبح المبلغ 45000 دينار إذا سدده في العام الثاني، وقام قريبي بتسديد جزء من المبلغ في العام الأول، وتحت الإلحاح الشديد قام بتسديد جزء آخر من المبلغ خلال العام الثاني، ولم يسدد بعد ذلك لي أي مبالغ حتى انقضت خمسة أعوام.
الأرض زاد ثمنها مع مرور الوقت، وأصبحت تساوي 60000 دينار.
والسؤال الآن: هل يجوز لي نقض البيع، وإعادة ما دفعه لي لعدم سداد كل المبلغ خلال عامين كما اتفقنا؟ وإذا كان قريبي لا يزال يريد الأرض، فهل عليه أن يكمل المبلغ على الثمن الجديد؟ وهل عليّ أن أعطيه ربحًا إذا بعت الأرض لغيره؟ وكم نسبة هذا الربح إذا علمت أنه دفع لي مبلغ 32500 دينار من المبلغ الكامل (وهو 45000 في حينه)؟
أرجو الحل على كل الأحوال، مع العلم أنه لا توجد أي أوراق بيني وبين المشتري، وأنني سبق أن أبلغت المشتري قبل أكثر من سنة بأن البيع بيني وبينك قد انتقض، وأنا أريد أن أنهي هذه المسألة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالبيع بالتقسيط جائز، كما بيّنّا ذلك في عدد من الفتاوى، مثل الفتاوى التالية أرقامها: 1084، 4243، 193467.
إلا أن المعاملة المذكورة تضمنت شرطًا فاسدًا متمثلًا في تطبيق فائدة عند التأخر في السداد، وهذا هو المسمى بغرامة التأخير، وهي ربا؛ جاء في قرار المجمع الفقهي رقم: 133ـ 7ـ 14 في دورته الرابعة عشرة بالدوحة ما نصه:
ثالثًا: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد، فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدَّين بشرط سابق، أو بدون شرط؛ لأن ذلك ربا محرم. اهـ.
وعليه؛ فلا يجوز الإقدام على هذا العقد مع الشرط المذكور ابتداء، وأما بعد وقوعه فالعقد صحيح، والشرط باطل؛ لأنه شرط محرم لا ينافي مقتضى العقد، فيبطل الشرط، ويصح العقد، كما بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 124637.
وعليه؛ فشراء قريبك للأرض صحيح نافذ، ولا يحق لك نقض، أو فسخ البيع الذي أبرمته معه إلا برضاه؛ ففي الحديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. متفق عليه. ومعنى هذا: أنه لا يحل للبائع نقض البيع إذا تم مستوفيًا شروطه، وأركانه إلا برضى المشتري.
وفي المقابل: لك أن تطالب بحقك عليه، وهو تكملة الثمن المتفق عليه ابتداء (أي: 42500 فقط)، ويجب على قريبك سداد ما عليه إن كان موسرًا، فإن لم يسدده كان ظالمًا، ويجوز رفعه إلى الجهات الشرعية المختصة لتجبره على السداد؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَيُّ الواجد ظلم يحل عرضه، وعقوبته. رواه البخاري، وأحمد، وأبو داود، وغيرهم -بألفاظ مختلفة-.
وأما إن كان معسرًا: فيجب عليك إنظاره حتى يوسر؛ لقوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.
والله أعلم.