السؤال
هداني الله ـ والحمد لله ـ وبدأت في الالتزام، ولكن أهلي وأقاربي يضايقهم ذلك جدًّا، وتحديدًا أمي، وقلت: إنني لن أحتفل بعيد الميلاد، ولن أهنئ أحدًا، ولكن إخوتي غضبوا، وأمي حزنت جدًّا... ولا تحدثني بسبب تركي لعيد الميلاد، وعدم تقبيلي لزوجة خالي... فهل أعتبر عاقًّا لها أم لا؟ ولو اضطررت إلى أن أذهب إلى عيد ميلاد أحد... وأنا أكره ذلك، فهل ذلك حرام أم لا؟ ولو قبلت منهم مالًا في يوم مولدي، فهل عليّ حرج؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أصبت بالسير على درب الاستقامة، والحرص على ما فيه رضا الله تعالى، واجتناب ما يسخطه، ونوصيك بالدعاء لأهلك أن يمن الله عليهم بما منّ به عليك من نعمة الهداية، فقلوب العباد بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء، قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ {الأنعام:125}.
ونشكرك على اجتنابك مشاركة أهلك في أعياد الميلاد، أو فعل ما يسخط الله، ومن ذلك تقبيل زوجة الخال، فاثبت على ذلك، وما يمكن أن ترى من سخط الناس، وإنكارهم عليك أمر عادي في هذا الطريق، نبّه عليه رب العالمين في كتابه حيث قال: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{العنكبوت3:2}.
فاعمل على ما يرضي الله، ولو سخط الناس، فقد ينقلب هذا السخط رضا يوًما من الدهر، روى الترمذي: أن عائشة -رضي الله عنها- كتبت إلى معاوية -رضي الله عنه-: سلام عليك، أما بعد، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ـ والسلام عليك.
فالصبر الصبر تبلغ القصد، وراجع في فضائل الصبر الفتوى رقم: 18103.
ولا يجوز لك الحضور في مكان منكر إلا بقصد الإنكار، وإذا لم يكن بالإمكان الإنكار إلا بالقلب، فالإنكار بالقلب يقتضي مفارقة مكان المنكر، وانظر الفتويين رقم: 117162، ورقم: 1048
ولا يشرع تقديم الهدايا بخصوص مناسبة أعياد الميلاد, ومن لم يخش ضررًا بعدم أخذها، فالأولى به أن لا يأخذها، ومن أخذها وانتفع بها، فلا حرج عليه في ذلك، فالهدية ليست بحرام في حد ذاتها، وراجع الفتوى رقم: 294877.
وإذا سخطت عليك أمك وغضبت بسبب تمسكك بالحق لم يكن ذلك عقوقًا منك لها، ولكن نوصيك بالتلطف بها، والعمل على مداراتها حتى تكسب رضاها، وإن أمكنك أن تجد من العلماء الفضلاء من ترجو أن يقنعها، فلا بأس بأن تسلطه عليها.
والله أعلم.