السؤال
يا شيخ، عندي سؤال لو تفضلتم: عندي مبلغ مدخر من عملي، أردت أن أحفظه في شيء بعيدًا عن البنوك الربوية، فاشتريت به قيراط أرض زراعية عندنا في مصر، وصاحبه يبيعه بسعر المباني، فقلت: أشتريه وممكن أبني عليه أو أحفظ فيه مالي. مع العلم أن عندي بيتًا -والحمد لله-، وبعد ما تم البيع علمت بأن البناء على الأراضي الزراعية لا يجوز لمخالفة ولي الأمر، فعزمت على عدم البناء عليه ونويت بيعه حتى ﻻ أخالف ولي الأمر وأقع في إثم، لكن قال لي أحد المشايخ: أنت تأثم إذا بعته لشخص أنت تعرف أنه سيبني عليه. فماذا أفعل؟ أريد أن أسترد مالي، وأخاف إذا بعتها أن أتحمل ذنب من بنى عليها، وهل لو بعتها لشخص وبنى عليها تكون فلوسي من البيع حرامًا ولو تربحت منها؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على تحري الحلال والابتعاد عن المعاملات المحرمة.
وبخصوص ما سألت عنه: فلا بد -أولًا- من التنبيه إلى أن ما يعرف بتقييد المباح من طرف ولي الأمر لا يجب الالتزام به إلا إذا كان قد وضع لمصلحة عامة، فإن لم يكن كذلك فلا يجب الالتزام به، وتجوز مخالفته إذا أمن الضرر، وقد بيّنّا هذا في فتاوى كثيرة، تراجع منها الفتاوى التالية أرقامها: 204541، 126169، 137746، 125687، 165111.
وعلى هذا؛ فإذا تقرر أن منع البناء على الأراضي الزراعية ليس من أجل مصلحة عامة تعود على الدولة والمجتمع فلا بأس ببيع الأرض المذكورة لمن يبني عليها؛ لأن مخالفة هذا المنع -والحالة هذه- ليست معصية.
أما إن كان ذلك المنع لأجل المصلحة العامة: فلا يجوز لك بيع الأرض لمن تعلم أو يغلب على ظنك أنه يبني عليها، لما في ذلك من الإعانة على المعصية؛ يقول محمد مولود في الكفاف:
وكل ما به يريد المشتري ذنبًا فبيعه له ذو حظر. اهـ.
وجاء في بلغة السائل: كذلك يمنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرًا لا يجوز. اهـ.
وإذا كنت لا تعلم أن المشتري سيبني عليها، وإنما تشك في ذلك، فلا عبرة بهذا الشك.
والله أعلم.