السؤال
السؤال الأول: طلب مني أحدهم أن أنهي عملي في ساعة معينة ووافقت على ذلك، ثم تأخرت عن الساعة المحددة دون عذر، فهل يكون ذلك في باب إخلاف الوعد؟
السؤال الثاني: طلب مني أحد أساتذتي -علمًا بأنه كافر- أن أراسله على الإنترنت حتى نلتقي يوما من الأيام لنشرب قهوة، ووافقت على ذلك دون أن نحدد موعدا معينا، فإذا لم أراسله ولم أخرج معه هل يكون ذلك في باب إخلاف الوعد؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل منك في الصورة الأولى هو من إخلاف الوعد؛ فقد وعدت، ولم تنجز وعدك.
وأما الصورة الثانية: فتكون إخلافًا للوعد إذا عزمت على عدم الوفاء، وأما إذا نويت الوفاء ولم تحدد وقتا بعينه فلم تخلف الوعد بعدُ.
وقد بينا حكم الوعد وأقوال أهل العلم في الوفاء به، وأنه مستحب عند الجمهور، وذلك في الفتوى رقم: 17057.
ومع ذلك فإن على المسلم أن يحرص على التمسك بصفات المسلم الصادق، وأخلاق الإسلام الفاضلة، ومن أهمها: الوفاء؛ فقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بالعهد فقال تعالى: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء: 34}.
كما حذر النبي- صلى الله عليه وسلم- من إخلاف الوعد، وذكر أنه من صفات المنافقين الذميمة فقال: أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر. متفق عليه.
وقد أخذ بعض العلماء من هذه النصوص، وغيرها: وجوب الوفاء بالوعد، وإثم من لم يف بوعده، وانظر الفتوى رقم: 138170.
ويتأكد ذلك إذا لم يكن لك عذر عن الوفاء بالوعد؛ قال ابن الجوزي في كشف المشكل: وَقَوله: (وَإِذا وعد أخلف) خلف الْوَعْد: الرُّجُوع عَنهُ؛ وَهَذَا مَحْمُول على من وعد وَهُوَ على عزم الْخلف، أَو ترك الْوَفَاء من غير عذر، فَأَما من عزم على الْوَفَاء فَعرض لَهُ عذر مَنعه من الْوَفَاء فَلَيْسَ بمنافق، إِلَّا أَنه يَنْبَغِي أَن يحترز من صُورَة النِّفَاق كَمَا يحْتَرز من حَقِيقَته. انتهى.
وقال ابن رجب في جامعه: والثاني: إذا وعد أخلف، وهو على نوعين؛ أحدهما: أن يعد ومن نيته أن لا يفي بوعده، وهذا أشر الخلف، ولو قال: أفعل كذا -إن شاء الله تعالى-. ومن نيته أن لا يفعل، كان كذبا وخلفا، قاله الأوزاعي.
الثاني: أن يعد ومن نيته أن يفي، ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف. انتهى.
ونوصيك بالوفاء لهذا الأستاذ الكافر، والحرص على دعوته، وتقديم بعض الكتب التي تدعو إلى الإسلام له، لا أن يكون الأمر صداقة مجردة، وانظر الفتوى رقم: 166869.
والله أعلم.