السؤال
ما حكم استضافة شخص يرتدي قميصا فيه صليب أو شعار كفري آخر سواء كان جاهلا أو متعمدا؟
وجزاكم الله خيرا.
ما حكم استضافة شخص يرتدي قميصا فيه صليب أو شعار كفري آخر سواء كان جاهلا أو متعمدا؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فانه يكره عند الجمهور لبس الثوب الذي يحمل علامة صليب أو شعار كفري، ورجح بعضهم التحريم كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8015.
وكان النبي صلي الله عليه وسلم يزيل آثار الصلبان من الثياب وغيرها، فقد روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه كتب إلى المسلمين المقيمين ببلاد فارس: إياكم وزي أهل الشرك.
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها.
وأخرج أبو داود عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك شيئاً فيه تصليب إلا قضبه، والقضب: القطع.
وأخرج أحمد عن أم عبد الرحمن بن أذنية قالت:كنا نطوف مع عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ فرأت على امرأة برداً فيه تصليب، فقالت أم المؤمنين: اطرحيه، اطرحيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى نحو هذا في الثوب قضبه.
وأخرج ابن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: كان يحرق ثوباً فيه صليب، ينزع الصليب منه.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يكره الصليب في الثوب ونحوه على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر نقل صالح، قلت: وهو الصواب. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ويكره جعل صورة الصليب في الثوب ونحوه ـ كالطاقية والدراهم والدنانير والخواتيم وغيرها، لقول عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئا فيه تصليب إلا قضبه. رواه أبو داود. قال في الإنصاف: ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر. انتهى.
وأما الاستضافة له فهي جائزة في الأصل ، وقد اختلف أهل العلم في حكم الضيافة هل هي مستحبة او واجبة، وذهب بعضهم إلى أنها واجبة في القرى، أما الأمصار فلا تجب فيها .
ولا يعارض هذا ما ثبت في حديث: ولا يأكل طعامك إلا تقي فقد قال المناوى في "فيض القدير في معرض مشروعية الضيافة، وأنها تشمل الغني والفقير والمسلم والكافر والبر والفاجر: وأما خبر: لا يأكل طعامك إلا تقي، فالمراد غير الضيافة مما هو أعلى في الإكرام من مؤاكلتك معه، وإتحافك إياه بالطرف واللطف. اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير أيضا: (ولا يأكل طعامك إلا تقي) لأن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة؛ بل هي أوثق عرى المداخلة، ومخالطة غير التقي تخل بالدين وتوقع في الشبه والمحظورات؛ فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار؛ إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر، فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به، وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان؛ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين بل يطعمه ولا يخالطه، والحاصل أن مقصود الحديث ـ كما أشار إليه الطيبي ـ النهي عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه المتقي، فالمعنى: لا تصاحب إلا مطيعاً ولا تخالل إلا تقياً. انتهى.
هذا وننبه الي انه قد حذر الشرع من مصاحبة أهل الشر، ومثل لذلك بمثل يوجب التنفير منهم، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة.
وقد سبق لنا بيان أضرار ومخاطر مخالطة رفقاء السوء، وبيان أثر الجليس الصالح والجليس السوء، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 69563، 76546، 24857، 34807.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني