السؤال
يا شيخ، أنا في الجامعة وأرى أوراقا فيها اسم الله مرمية على الأرض، فأرفع بعضها، وأخذت بعضها، وتركت البعض مرميا على الأرض
من غير قصد امتهان، ومصير الأوراق المرمية أنها سترمى في القمامة من قبل العمال، فهل أكفر إن تركتها على الأرض، وأعرف أنها في الغالب سترمى؟
وجامعتنا اسمها: سلمان بن عبد العزيز، والبنات يصورن أوراقا من المكتبة، فتطبع المكتبة اسم الجامعة، يعني أن التي تصور من مكتبة الجامعة سيطبع عليها اسم الله، ونحن مقبلون على امتحانات، وأعتقد أنها ستترك على الأرض بكثرة! فما الحكم؟
ووجدت كيسا في قاعتنا مرميا على الأرض، والأرض فيها غبار، وهي لفتيات يضعن فيها حاجياتهن، فماذا أفعل؟ وأخشى إن أخذت الكيس فتأتي صاحبته وتراني، وتظن أني موسوسة أو أني أريد أن أسرقه!
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن احترام أسماء الله -سبحانه وتعالى-، وعدم تعريضها للامتهان، واجب شرعي، كما قال تعالى:
{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} (الحج: 30).
وقال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج: 32).
فعلينا أن نعتني باسم الله تعالى، ولا نتركه مرميًّا، بل نحرقه أو ندفنه.
وننصح أصحاب المؤسسات أن لا يعرضوا الاسم الكريم للامتهان، فعليهم أن يكتبوا أسماء لا يوجد بها اسم الله تعالى.
وأما من رأى أوراقًا في الطريق، وعلم أن بها اسمًا من أسماء الله: فالواجب عليه أخذها، ودفنها في مكان محترم، أو تخريقها، أو حرق المكتوب فيها، فإذا تكاسل المسلم عن ذلك مع تيسره فإنه يأثم -بلا شك-؛ لعدم تغييره لهذا المنكر، إلا أنه لا يكفر بمجرد ذلك، ولا يجب تتبع كل ما ترينه من الأوراق للتأكد من عدم وجود اسم الله فيها نظرًا لما في هذا من الكلفة، والحرج، والمشقة البالغة، فإن هذا منفي في الشريعة، كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ {المائدة:6}، وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره. رواه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وفي فتاوى نور على الدرب أنه قيل للعلامة ابن عثيمين:
فضيلة الشيخ، يكثر في أماكن تجمعات الطلاب بعض الأوراق التي تحمل لفظ الجلالة أو اسم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والبعض يرميها غير مبال بها، فهل يتعيّن على كلّ شخص أن يضع هذه على الأرض أو أن يحملها، وإن كانت كثيرة ومبعثرة على الأرض أين توضع إن لم يجد مكانًا مناسبًا لها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر لي: أنه لا يلزم كلّ إنسان وجد قراطيس في الأرض أن يأخذها ويفتشها، وينظر هل فيها آية أو حديث؟ لأن هذا شاق، نعم لو رأى بعينه أن في هذه القرطاسة آية من كتاب الله أو حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فحينئذ يأخذه، ولكني أنصح إخواني الذين يلقون هذه الأوراق أن يتفقدوها قبل إلقائها فإذا وجدوا فيها آية أو حديثًا عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمسكوا بها وأحرقوها، والنار تأكل ما وضع فيها، وأن لا يتهاونوا في هذا الأمر. اهـ.
وأما الكيس الذي تضع فيه الفتيات حاجياتهن: فهو خاص بأولئك الفتيات، وليس لك أخذه من دون إذن منهن.
والله أعلم.