السؤال
ما الفرق بين المؤمن والفاسق، وخاصة إذا ابتليا بالمعصية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فاعلم أن الفسق معناه: الخروج، قال الإمام ابن جرير الطبري: وأصلُ الفسق في كلام العرب: الخروجُ عن الشيء. يقال منه: فسقت الرُّطَبة إذا خرجت من قشرها. ومن ذلك: سُمّيت الفأرةُ فُوَيْسِقة، لخروجها عن جُحرها. اهــ.
فالفاسق هو: الخارج عن طاعة الله تعالى.
ويطلق أحيانا ويراد به:
1- الكافر، والمنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان؛ قال ابن جرير: المنافق والكافر سُمّيا فاسقيْن، لخروجهما عن طاعة ربهما. ولذلك قال جل ذكره في صفة إبليس: (إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [سورة الكهف: 50]، يعني به: خرج عن طاعته واتباع أمره. اهــ.
ومثله قوله تعالى: {.. مِنْهُم الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُم الْفَاسِقُونَ} أي: الكافرون.
والفرق بين المؤمن وبين الفاسق بهذا المعنى ظاهر، إذ هو الفرق بين المؤمن والكافر.
2- المسلم العاصي إذا فعل كبيرة، كالزنا، وشرب الخمر، أو أصر على صغيرة ولم يتب منها، قال صاحب كشاف القناع: وَالْفَاسِقُ: مَنْ أَتَى كَبِيرَةً، وَهِيَ: مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ دَاوَمَ عَلَى صَغِيرَةٍ. اهــ.
والفرق بين المؤمن وبين الفاسق بهذا المعنى هو: أن المؤمن لا يرتكب الكبائر، ولا يصر على الصغائر، والفاسق يرتكب الكبائر، أو يصر على الصغائر.
ومن ابتلي بالفسق سواء كان فسقا أكبر -وهو الكفر- أو أصغر، وجب عليه التوبة إلى الله تعالى، فإن تاب زال عنه وصف الفسق؛ قال الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ الْفِسْقَ. اهــ.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني