السؤال
امرأة كان سبب زيادة إيمانها أو عودتها إلى ربها قارئ للقرآن؛ بسبب قراءته ودعائه الخاشع، لكنها تخشى أن تكون قد وقع في قلبها شيء نحو هذا القارئ، مع أنها تخشع عند سماعه، ويكون محفزًا لها على العبادة. فما الحكم الشرعي؟
أرجو أن تكون الإجابة شافية كافية؛ لأنها تشعر بضيق شديد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينّا حكم إعجاب المرأة برجل أجنبي عنها، وما يتبع ذلك من حب له، أو ميل قلبي تجاهه، وذلك في الفتوى رقم: 76936، وما أحيل عليه فيها من فتاوى.
ونرجو أن لا يكون عليها إثم فيما حصل، ما دامت لا يحصل بينها وبين القارئ لقاءات، ولا كلام، ولا نظر بريبة؛ فقد دلت النصوص على أن حديث النفس المحض، وخواطر القلب في حيز العفو -ما لم يكن للمرء كسب في إدخالها على قلبه-، ولم يتماد في ذلك، بل جاهد نفسه في دفعها، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل. متفق عليه.
وعلى من أحست من نفسها بشيء من الخطرات، والتفكير بما لا يرضي الله، أن تستعيذ بالله من هذه الخواطر، وأن تقطعها، فلا تتمادى فيها؛ لأن الاسترسال في ذلك يؤدي إلى عواقب سيئة.
قال ابن القيم -رحمه الله-: (قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال، والأقوال، والأعمال؛ وهي شيئان: أحدهما: حراسة الخواطر، وحفظها، والحذر من إهمالها، والاسترسال معها، فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء؛ لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى، حتى تصير إرادات، ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال، ولا ريب أن دفع الخواطر أيسر من دفع الإرادات، والعزائم، فيجد العبد نفسه عاجزا أو كالعاجز عن دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة، وهو المفرط إذا لم يدفعها وهي خاطر ضعيف.) انتهى من طريق الهجرتين.
والله أعلم.