السؤال
ما حكم قراءة سورة الفاتحة، وآية الكرسي، كل منهما سبع مرات بغرض التحصين؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن في قراءة القرآن الكريم كله خيرًا كثيرًا، ونفعًا عظيمًا، لمن قرأه، وخاصة منه ما جاء في السؤال؛ فسورة الفاتحة: هي أعظم سورة في القرآن، كما سبق في الفتوى رقم: 16401، وآية الكرسي: هي أعظم آية في كتاب الله تعالى، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي ابن كعب -رضي الله عنه-.
وإن كنا لم نطلع على سنة أو أثر خاص بالكيفية المذكورة، فإننا لا نرى مانعا منها، ما لم يعتقد القارئ أن ذلك سنة ثابتة؛ فقد وسع الشرع في أمور الرقى، وأباح فيها ما ليس بشرك, ومن باب أحرى: أن تكون من كتاب الله تعالى، وبالفاتحة، وآية الكرسي؛ فقد روى مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنا نرقي في الجاهلية, فقلنا: يا رسول الله, كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: نزلنا منزلًا فأتتنا امرأة، فقالت: إن سيد الحي سليم لدغ, فهل فيكم من راق؟ فقام معها رجل منا - ما كنا نظنه يحسن رقية - فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ، فأعطوه غنمًا وسقونا لبنًا، فقلنا: أكنت تحسن رقية؟ فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب, قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرنا ذلك له، فقال: ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم معكم.
وفي صحيح ابن حبان عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا وَامْرَأَةٌ تُعَالِجُهَا أَوْ تَرْقِيهَا، فَقَالَ: «عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ». قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ»، أَرَادَ عَالِجِيهَا بِمَا يُبِيحُهُ كِتَابُ اللَّهِ".
وقال الشيخ حافظ الحكمي في سلم الوصول - في بيان ما تشرع به الرقية وما تمنع-:
ثم الرقى من حمة أو عينِ * فإن تكن من خالص الوحيينِ.
فذاك من هدي النبي وشرعتهْ * وذاك لا اختلاف في سنيته.
ولهذا؛ لا مانع من قراءة الآيات المذكورة بالكيفية المذكورة بقصد التحصن.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني