السؤال
أخي الكريم، هناك شبهة تتحدث عن تعارض آية من الآيات، مع آية أخرى، وكذلك مع العلم الحديث، وأرجو أن أجد جواباً لها بإذن الله.
تأتي الشبهة كالتالي: يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: "وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ" وهنا قال الله -عز وجل- إنه زين السماء الدنيا بمصابيح، والتي تعني بأنه زين أقرب سماء بالنجوم، فكلمة: الدنيا تعني القريبة.
وهنا السؤال: كيف تحتوي أقرب سماء للأرض على النجوم، إذا كان قد ذكر في القرآن الكريم أن هناك 7 سماوات؟ وتم إثبات ذلك في العلم الحديث، أي وجود 7 سماوات، والسماء السابعة، وهي أبعد السماوات التي يفترض أن تحتوي على النجوم.
وللعلم، تم ترجمة كلمة: الدنيا في القرآن الكريم، إلى كلمة: nearest والتي تعني أقرب شيء.
وجدت هذه الشبهة أثناء بحثي في بعض مواقع الأجانب الملاحدة.
شكراً.
وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يذكر لنا آيتين متعارضتين، وأما آية: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ {الملك:5}. فهي توافق عدة آيات، يستدل بها على أن الشمس وغيرها من النجوم إنما هي في السماء الدنيا، كما في قوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (الصافات:6)، وقوله تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (فصلت:12).
وقد ذكر هذا الاستدلال ابن كثير في البداية والنهاية فقال: وقال آخرون: بل الكواكب كلها في السماء الدنيا، ولا مانع من كون بعضها فوق بعض، وقد يستدل على هذا بقوله تعالى.. اهـ. وذكر الآيات السابقة.
وما يستفاد من ظاهر القرآن لا يعارض بالعلم الحديث، ولا غيره، بل يقدم ما أخبر به الخلاق العليم.
وأما تفسير الدنيا بأقرب السماوات، فهو الظاهر المتبادر من التفسير، ويدل له ما في حديث الإسراء المشهور في الصحيحين: ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الدنيا، فاستفتح جبريل صلى الله عليه وسلم.... الحديث. وفيه أنه لقي في السماء الدنيا آدم صلى الله عليه وسلم، وفي الثانية عيسى، ويحيى عليهما السلام، وفي الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم. فدل هذا على أنها هي أقرب السماوات لنا، وقد بدأ بها، ثم انتقل لما بعدها شيئا فشيئا.
فنحن نؤمن بوجود هذه النجوم بالسماء الدنيا، كما هو ظاهر النصوص. وأما السماوات السبع فوجودها ثابت، كما يدل له حديث الصحيحين في شأن الإسراء، ولكن ثبوت وجودها ليس فيه ما يستلزم أن تكون النجوم موجودة بالسماء السابعة، ولا يمنع هذا أن يكون الله جعل فيها ما يشاء من أنواع الزينة، ولكنها غيب لنا لا نعلم عنها إلا ما جاء في النصوص، ولم نعثر على نص يبين وجود النجوم بها.
والله أعلم.