السؤال
سألت سؤالا في المرة السابقة عن أنه إذا تغير لون الماء تغيرا قليلا جدا جدا، أو متوسطا، ولا زال الماء محتفظا بهيئته. قلتم لي إنه سيكون نجسا، وفعلا لا أتكاسل، ونفذت هذا الحكم، لكن فعلا شق علي الأمر.
فهل من تيسير؛ لأنه فعلا شق علي.
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشيء الملاقي للماء طاهرا، فإنه لا ينجس بملاقاته، ولا يسلب الطهورية إذا تغير لونه به تغيرا يسيرا، ولا يصير طاهرا غير مطهر إلا إذا تغير تغيرا كثيرا.
قال في كشاف القناع: أو غير الطاهر المخالط للطهور أحد أوصافه بأن غير (لَوْنَهُ، أَوْ طَعْمَهُ، أَوْ رِيحَهُ، أَوْ) غَيَّرَ (كَثِيرًا مِنْ صِفَةٍ) مِنْ صِفَاتِهِ، كَلَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ، أَوْ رِيحِهِ، فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ، وَلِأَنَّ الْكَثِيرَ بِمَنْزِلَةِ الْكُلِّ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَيَّرَ كُلَّ الصِّفَةِ وَ (لَا) يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ إنْ غَيَّرَ الطَّاهِرُ الْمُخَالِطُ (يَسِيرًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ. (وَلَوْ) كَانَ التَّغَيُّرُ الْيَسِيرُ مِنْ صِفَةٍ (فِي غَيْرِ الرَّائِحَةِ) كَالطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ؛ لِمَا رَوَتْ أُمُّ هَانِئٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ مِنْ قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. انتهى.
وأما إذا تغير الماء بنجس، فإنه ينجس بذلك.
قال في كشاف القناع: الْقِسْمُ (الثَّالِثُ) مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ (نَجَسٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَكَسْرِهَا، وَضَمِّهَا، وَسُكُونِهَا، وَهُوَ لُغَةً الْمُسْتَقْذَرُ ضِدُّ الطَّاهِرِ، يُقَالُ: نَجِسَ يَنْجَسُ كَعَلِمَ يَعْلَمُ، وَشَرِفَ يَشْرَفُ (وَهُوَ) هُنَا (مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَسَوَاءٌ قَلَّ التَّغَيُّرُ أَوْ كَثُرَ. انتهى.
ولكننا نحذر من الوسوسة؛ فإن الاسترسال معها يفضي إلى شر عظيم. فإذا حصل شك بأن الماء قد خالطته نجاسة، فلا عبرة بهذا الشك حتى يحصل اليقين الجازم بذلك.
والله أعلم.