الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من التشدد الكف عن المحرمات، وعدم تضييع الأوقات

السؤال

أنا فتاة -ولله الحمد-أخاف الله كثيرًا، ‏لكني أظن أنني وصلت إلى مرحلة ‏التشدد، أي أن ضميري أصبح لا يدعني، فلدي ضمير عجيب، وأشك في بعض ‏الأحيان أنها وسوسة، وربي- ولله الحمد- أنعم عليّ بالهداية، ‏ويسر لي جميع أموري، ووفقني ‏لطاعته -له الحمد والشكر -وأخاف لو ‏عصيته -ولو قليلًا قليلًا- أن يغضب ‏عليّ، وأختي تسميني المتشددة، فأنا لا أشاهد ‏التلفاز؛ خوفًا من الموسيقى التي يمكن ‏أن أسمعها خلف أصوات الممثلين، وعندما كنت في المدرسة اغتابت ‏صديقتي أحدهم، وأظن أني قد ‏ضحكت، وعندما عدت إلى البيت ‏أبكي ندمًا على ضحكي، وأتوب، ‏وهكذا دائمًا إذا عدت من المدرسة، وعندما شاهدت ‏التلفاز مع إخوتي، وقريباتي في ‏منزل أختي، وعدت ‏لم يدعني ضميري فحاولت تجاهله، ولم أستطع ‏لدرجة أنني نمت وأنا ألبس عباءتي ‏منذ أن عدت، حتى لا أسمع صوت ‏ضميري، وعندما استيقظت لصلاة الفجر بكيت ندمًا على ما فعلت، ‏واستغفرت، وأشعر أنني موسوسة، وهذا ‏الصوت الذي أسمعه هو المتحكم في ‏حياتي، فأنا لا أرفِّه عن نفسي أبدًا إلا ‏نادرًا، فأنأ أعشق الأنمي عشقًا شديدًا، ‏وقلت في نفسي منذ زمن: إنني ‏سأتركه لوجه الله، علمًا أنني أخاف ‏من الموسيقى التي تتخلل الأنمي، ‏وأنا –والله- أتمنى العودة إلى ‏مشاهدته، إلا أنني قرأت في موقعكم ‏أن مشاهدة الأنمي ليست حرامًا مع ‏كتم الصوت، واختيار الأنمي ‏المناسب، ولكني لا أستطيع، ولا أعلم ‏لماذا أصبحت لا أضحك كثيرًا، فهمي هو متى أصلي، ومتى أصوم؟ ‏عجزت عن نفسي، ولم أفهم، وحتى في ‏وقت حيضي ليس عندي أي شيء فأجلس وحدي ‏فقط، ولا أرفِّه عن نفسي ‏أبدًا، وحتى من حولي لاحظوا ذلك، فهل أخاف من الله حقًّا، أم هي ‏وسوسة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله سبحانه أن يثبتنا وإياك على صراطه المستقيم، ويزيدنا ورعًا، وخوفًا منه جل وعلا. ونبشرك -أيتها السائلة الكريمة- بأنك على خير إن شاء الله، فيقظة الضمير، وتألمه بارتكاب المعاصي دليل على حياة القلب، وكما قيل: ما لجرح بميت إيلام.

وتجنبك سماع الموسيقى، والغيبة، وخوفك من ذلك، وندمك عليه ليس من التشدد، بل هذا واجب. وانظري الفتويين: 245671، 52780.

وراجعي الفرق بين التشدد المذموم، والورع المحمود في الفتوى رقم: 139733 وما أحيل عليه فيها.

وبخصوص الأنمي، ونحوه، فمع قولنا بجواز مشاهدته بالضوابط الشرعية، كما سبق في الفتوى رقم: 147195، وما أحيل عليه فيها، إلا أن هذا لا يعني وصف من يترك مشاهدته بالتشدد، بل إن انشغال الإنسان عن مشاهدته بما هو أنفع في أمر دينه، ودنياه، هو أفضل له بلا شك.

فنوصيك بالثبات على ما أنت عليه من حزم، وقوة في دين الله، ولا بأس بالترفيه عن نفسك بالمباح من حين لآخر، بل قد تؤجرين على ذلك إذا حسنت نيتك فيه، وقصدت به إجمام النفس للتقوّي على طاعة الله، فكما قيل: روحوا القلوب تعي الذكر. وانظري الفتويين: 221374، 129613 وما أحيل عليه فيهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني