السؤال
قلتم في فتاوى سابقة في موقعكم المبارك: إن القشف الميت حائل يمنع صحة الوضوء، والغسل، وتجب إزالته بشرط عدم الضرر لصاحبه؛ لكونه ما زال متصلًا بالبدن، ونقلتم من حواشي المالكية والشافعية ما يفيد ذلك، لكني قرأت في فرائض الوضوء في كتاب شرح فتح القدير (1/12-طبعة دار الكتب العلمية) :"لو نبتت جلدة لا يجب قشرها، وإيصال الماء إلى ما تحتها، بل لو أسال عليها أجزأ لأنه مخير في غسلها إذا لم ينقل فيها سنة" فهل ينطبق ذلك على القشف الميت؟ وهل العفو عن هذا هو الوجه المعتمد في المذهب الحنفي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالذي يظهر أن ابن الهمام صاحب فتح القدير عنى بقوله: لَوْ نَبَتَتْ جِلْدَةٌ لَا يَجِبُ قَشْرُهَا. عنى به الجلدة الحية التي يتألم صاحبها بنزعها، ولا يريد القشف الميت الذي يُنزع بلا ألم، ومما يؤكد ذلك ما جاء في المحيط البرهاني لبرهان الدين الحنفي المتوفى سنة 616هـ فقد جاء فيه: وإذا كان ببعض أعضاء الوضوء جرح قد انقطع قشره، أو نحو منه هل يجب إيصال الماء إلى ما تحته؟ كان الفقيه أبو إسحاق الحافظ يقول: ننظر إن كان ما يقشر يزال من غير أن يتألم لم يجزه إلا أن يصل الماء إلى ما تحته، وإن كان لا يزال من غير أن يتألم أجزأه إن لم يصل الماء إلى ما تحته، قال: لأنه بمنزلة ما لم يقشر. اهــ
فلا نرى أن كلام صاحب فتح القدير يصدق على القشف الذي بينا في فتاوى سابقة أنه يزال عن العضو، والقشف الذي تحدث عنه الفقهاء، وذكروا أنه يُزال أخص من كلمة "جلدة" فهو جلد يابس، كما قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: وَالْقَشَفُ وَهُوَ يُبُوسَةُ الْجِلْدِ ...اهـ
وعرفه صاحب اللسان بأنه قذر الجلد، جاء في اللسان لابن منظور: القَشَفُ قَذَر الجلد. اهــ
والله تعالى أعلم.