السؤال
أنا متزوجة منذ 17 سنة, ولدي خمس بنات, أكبرهن عمرها 16 سنة, ونحن مغتربان منذ ست سنوات, وخلال هذه الفترة تعرف زوجي إلى سيدة مسيحية متزوجة ولديها أولاد واستمر على علاقة بها رغم محاولاتي بالحسنى, والتفاهم, والدعاء بالهداية, وقد حملت هي منه بطفلة من الزنا, وتطلقت وتزوجها, وبقيت تطالبه بأن تلك البنت مثل بناتي, وتطلق عليها أختهن, وتلك الجملة تمزق قلبي تمزيقًا, وهو رضيها, وفي تلك الفترة عانيت وبناتي الأمرَّين من الوضع, وأنا وحيدة ومصدومة, فقررت العودة لأهلي وتركه بعد الاستخارة والاتكال على الله, فبيده المقادير, لكنه عاد, وبالكذب عدنا معًا على أن تللك القصة انتهت, وهي ما زالت زوجته إلى الآن, وهو يرعى البنت على أنها ابنته, والأمر كله سر عن بناته والآخرين, حيث يتركنا كل فترة فجأة ويغيب عنا أيامًا, وتلك معاناة أخرى لي, فماذا أجيب البنات والناس؟ وهو يتجول معهن علنًا في المدينة دون أن يحسب حسابًا لسمعة البنات, وكلام الناس, وعذابي بتركه بناته ليكون مع تلك البنت, ثم يعود للبيت كأنه لم يفعل شيئًا, وكأن الأمر لن ينفضح يومًا ما, ويؤثر علينا, فما تأثير علاقة الأبوة التي يصرح بها لتلك البنت على بناتي؟ حيث من المتوقع أنها ستفضح لهم القصة التي سترها الله, وحاولت معه سترها بالطريقة التي يختارها, وأنا محطمه نفسيًا, فقد عانيت معه كثيرًا من الكذب والخداع منذ الزواج, ونقض العهد, والجرأة بالأفعال غير المسؤولة, ولا أطيق الحياة فأنا خائفة على ديني, وسلامة عقلي, وينعكس ذلك على تربيتي لبناتي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت بالسؤال فنسب هذه الفتاة دائر بين أمرين، أولهما: أن تنسب إلى زوجها الذي طلقها، وذلك فيما إذا حملت بها وهي في عصمته؛ للحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش. وراجعي في معناه الفتوى: 67656.
والأمر الثاني: أن تنسب إلى أمها، وذلك فيما إذا حملت بها من تلك العلاقة مع زوجك بعد طلاقها من زوجها؛ لأنها حينئذ ابنة زنا.
فعلى التقديرين هي ليست ابنة لزوجك, ومن ثم ليست أختًا لبناتك, ولكنها ربيبة له, ومن محارمه إن كان قد تزوج من أمها ودخل بها؛ لقول الله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ {النساء:23}
ونوصيك بالتحاور مع زوجك برفق ولين في ضوء ما ذكرنا، ويمكن الاستعانة في ذلك ببعض العلماء هنالك أو أحد المراكز الإسلامية، فالبنوة تترتب عليها كثير من الأحكام الشرعية - كالتوارث, وحرمة المصاهرة, ونحو ذلك - فإن لم تكن حدودها واضحة اختلطت الأمور وضاعت الحقوق، فادعاؤه بنوتها قد يكون له أثر سيء على أولادك من هذه الجهة، ويمكن أن يكون له أثر نفسي إذا كانت هذه البنت من الزنا وعرف الناس ذلك.
وما أوردت بالسؤال بشأن العودة إلى أهلك وترك زوجك، فإن حصل ذلك من غير إذنه فلا يجوز؛ إذ يحرم شرعًا على المرأة أن تسافر أو تخرج من بيت زوجها بغير إذنه، كما أوضحنا في الفتوى: 36830، والفتوى: 46069.
وبالنسبة لما ذكرت من كذب زوجك وخداعه ونقضه للعهود، فإن كان حقًّا فناصحيه فيه بالحسنى، وأكثري من الدعاء له بخير، فلعله يتوب ويصلح حاله. فإن كنت متضررة من البقاء معه على هذا الحال, فلك الحق في طلب الطلاق، ولكن لا تنسي أن الطلاق قد لا يكون الحل دائمًا, خاصة إذا رزق الزوجان أولادًا.
والله أعلم.