السؤال
العالم الفاضل: أنا فتاة من الأردن، أود الاستفتاء بشأن أخذ قرض من بنك الراجحي في الأردن، وصورته هي: أريد قرضا من النقد، فأخبرني البنك أنه يجري المعاملة بطريقة شراء زيت، ثم بيعه، ونتيجته أني سآخذ القرض.
هل يجوز هذا وليس تحايلا على الشرع من باب أني أحتاج قرضا، وسيتم ما نسميه تحايلا على الشرع لتمليكي هذا القرض؛ لأن طلبي ليس الزيت وإنما المبلغ المالي.
أفتوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان البنك سيشتري الزيت لنفسه أولا، فيملكه ويحوزه قبل أن يجري معك عقد البيع عليه، فلا حرج في المعاملة، ولك بيع الزيت أوالسلعة التي اشتريتها من البنك في السوق، والانتفاع بثمنها، وكونك تريدين المال لا السلعة، لا يؤثر في صحة المعاملة. جاء في الروض المربع ما نصه: ومن احتاج إلى نقد، فاشترى ما يساوي مائة بأكثر، ليتوسع بثمنه، فلا بأس، وتسمى مسألة التورق، وذكره في الإنصاف، وقال وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
لكن يحذر مما يسمى بالتورق المنظم الذي تجريه بعض البنوك، وسبق بيانه وذكر قرار مجمع الفقه حوله في الفتويين: 46179 ، 190401.
والتورق من البدائل الشرعية عن الوقوع في الربا، والحيل التي تحقق مقصود الشارع، ويجتنب فيها المحاذير الشرعية، ليست محرمة؛ ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فجاء بتمر جنيب (جيد طيب) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَكُلُّ تمر خيبر هكذا؟. قال: لا، والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، بع الجمع (الرديء من التمر) بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً .
فصاحب التمر الرديء يريد التمر الجيد لا الثمن، وبيعه لتمره بثمن ليشتري به الجيد، حيلة شرعية تحقق مقصود الشارع في اجتناب بيع الربوي بجنسه متفاضلا، مع أن ثمن الصاعين الرديئين يساوي قيمة صاع جيد، لكن بيع الصاعين بالصاع محرم، وبيع الصاعين بالنقد وشراء صاع جيد بثمنهما، ليس محرما.
قال شيخ الإسلام في الحيل: ومعناها نوع مخصوص من التصرف، والعمل الذي هو التحول من حال إلى حال. هذا مقتضاه في اللغة، ثم غلبت بعرف الاستعمال على ما يكون من الطرق الخفية إلى حصول الغرض، وبحيث لا يتفطن له إلا بنوع من الذكاء والفطنة، فإن كان المقصود أمراً حسناً كانت حيلة حسنة، وإن كان قبيحاً كانت قبيحة ... انتهى من الفتاوى الكبرى.
والله أعلم.