السؤال
سمعت رجلًا في التلفاز يتحدث عن الشريعة والسنة, ويظهر أنه قرآني يقول: لماذا أبو بكر أقرب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم لم يروِ أي حديث, وكان من المفترض أن يكون أعرف الناس بالحديث؟ ويقول ثانيًا: إن الرسول صلى الله عليه أمر أصحابه بعدم كتابة الحديث، لكنهم خالفوا أمره في القرن الثالث وعصوه, فما هو الجواب عن هذه الأسئلة؟ وهل يمكن أن يكون هنالك حديث نبوي نحسبه صحيحًا وهو موضوع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما يتعلق بقلة مرويات الصديق - رضي الله عنه - فهو أمر طبيعي؛ لقصر المدة التي عاشها بعد النبي صلوات الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم: 129172.
وأما ما يتعلق بالنهي عن كتابة الحديث الشريف: فقد كان ذلك خشية أن يلتبس القرآن بغيره من الكلام، ثم أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الكتابة بعد, وأجمع المسلمون على مشروعية كتابة حديثه - صلوات الله عليه - فمن ادعى غير هذا فهو ضال مبتدع، وانظر الفتوى رقم: 8516.
ومن العجيب أن هؤلاء يستدلون على النهي عن كتابة الحديث بحديث إنما تلقوه بكتابة أهل العلم له وتدوينهم إياه، وقد حفظ الله هذا الدين, ومنَّ على الأمة بطائفة مباركة من العلماء الأساطين، ميزوا صحيح الحديث من ضعيفه, ومقبوله من مردوده، فما اتفق أهل هذا الشأن على أنه من قسم المقبول فالقول ما قالوا، وإن اتفقوا على أنه من قسم المردود, فالرأي ما رأوا, مصداقًا لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، وإن اختلفوا فالعامي الذي ليس له علم بهذا الفن يقلد من يثق بعلمه وورعه منهم، قال الحافظ العراقي:
فاعن به ولا تخض بالظن ... ولا تقلد غير أهل الفنِ.
فمن المستحيل أن يجمع أهل الحديث على صحة حديث, ويكون بخلاف ذلك في نفس الأمر؛ لأن إجماع هذه الأمة معصوم، والأمة - بحمد الله - لا تجتمع على ضلالة، فمن اتبع غير سبيلهم فرأى ضعف ما اتفقوا على صحته فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، وخلافه مردود عليه غير ملتفت إليه.
والله أعلم.