السؤال
اسمحوا لي إخواني في الله أن أقدم لكم نوعا من العتاب، وهذا نوع من محبتي لكم، فإذا كنتم قلتم لي من قبل لا داعي للشك والحيرة فقد جعلتموني في حيرة وشك واضطراب منذ لحظة قراءة فتواكم، أنا صاحب السؤال رقم: 2389642، وصاحب الفتوى رقم: 197541، والحقيقة أنني لا أدري لماذا هذا التعنت في جوابكم للسؤال رقم: 2389642، في أمر قد اجتمع عليه جمع من أهل العلم؟ فأنتم تعلمون أن هناك من أهل الثقة من أفتى بهذا الشيء، وهذا الأمر إذا كان الإنسان يرى فيه مصلحته فلا أرى مانعا منه ولا داعي لكل هذا الورع الزائد فعندما تكلم الشيخ محمد صالح المنجد ـ حفظه الله ـ في شعور الإنسان عموماً قال شعر مسكوت عنه إن شاء أزاله وإن شاء أبقاه، كما يرى الإنسان في مصلحته، وقد عرضتم لي في آخر فتواكم مقولة جعلتني في شك ووسوسة لأبي الدرداء: تمامُ التقوى أنْ يتقي الله العبدُ حتّى يتقيَه مِنْ مثقال ذرَّة، وحتّى يتركَ بعضَ ما يرى أنَّه حلال، خشيةَ أنْ يكون حراماً، حجاباً بينه وبينَ الحرام، وأكرر أن الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ قال إذا استفتى الإنسان عالمين، كلاهما أهل للفتوى، وكان رأيه أن يأخذ الإنسان بالقول الأيسر، والأمر ليس فيه اختلاف بين أغلب علمائنا فقد أفتى في ذلك جمع ممن يشهد لهم بالعلم وحتى إذ كان فيه مرجوح مادام من أفتى هم ثقة وأهل علم فالذي أعرفه أنه يجوز للإنسان أن يأخذ بالفتوى مادام يرى فيها مصلحته دون قصد تتبع رخص العلماء، مع العلم أنني لا أحب أن ألجأ إلى الرأي المرجوح في حياتي عموماً، فعندما تكلم الشيخ العثيمين وقال الأحوط أو الأولى فله فتوى سابقة قد أرسلتها لكم قال هذه الشعور تجوز إزالتها وهي الأقرب للاستدلال بدون ذكر وتكرار لهذه الأقوال مرة ثانية وثالثة!! أحوط, أولى, ريبة, براءة ذمة, وغيرها من الكلمات التي تسبب وسوسة، فأنا أعلم أن هذه الكلمات مطلوبة في شريعتنا،ً فكل من الشيوخ ابن باز, وابن جبرين, وصالح الفوزان والمنجد وغيرهم ـ رحمهم الله وغفر لهم ـ لم يتجهوا وقالوا أحوط وأورع وريبة إلخ، فلا أدري سبب ذكركم لذلك في الفتوى الثانية أيضاً مع أنني قد قرأت هذه الكلمات في الفتوى الأولي، فأنتم أهل علم من المفروض أن تروا حال المستفتي وإن شعرتم فيه بنوع من الشك أو الوسوسة وأنه يريد هذا القول ليس من باب السهولة ولكن يرى فيه راحته النفسية بعد اعتماده على دليل شرعي, وحجة شرعية, فيجب عليكم مراعاة الجانب النفسي في بعض المشكلات بشرط اعتماده علي دليل شرعي من الكتاب أو السنة، فالأمر فيه سعة كما قال ابن باز ـ رحمه الله ـ عندما أفتى في الشعور المسكوت عنها، لا أدري هل هذه نوع من الورع المستحب الزائد الذي يزيد للمستفتي قلقا واضطرابا وشكا وحيرة؟ فإذا كان الورع مطلوب بهذه الطريقة وأنتم تقومون به فليس على المستفتي واجب القيام به مثلكم فلم أرى أي موقع يكرر... ويذكر هذه الكلمات حينما بحثت في هذا الأمر، وأنا أحب الورع لكن ثمة أشياء لا يستطيع الإنسان أن يتورع عنها، والناس قدرات بدليل أن الناس كانوا يأخذون بقول المفضول دون الأفضل في زمن الصحابة، وأريد أن أقول إن أمري هذا ـ والحمد لله ـ ليس فيه رخص بل تقريباً هذا هو القول الراجح فالنبي صلّى الله عليه وسلم كان يحب ما يخفف عن أمته، إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وقال الشعبي: ما خير رجل بين أمرين, فاختار أيسرهما إلا كان ذلك أحبهما إلى الله تعالى، فعندما أرسلت لكم أول سؤال لم أكن أعلم أن جمعا من أهل العلم اجتمعوا على هذا الرأي، والسؤال الثاني لأوضح لكم رأي ابن عثيمين الذي رجح الرأي فيه بالإزالة، ففي الوقت الذي أرسلت فيه سؤلي أرسلت نفس السؤال لموقع إسلامي آخر يشرف عليه عالم سعودي يشهد له بالعلم والمعرفة وأحسبه على خير فجاء الرد بجواز إزالة هذه الشعور دون خلق قلق وحيرة لدى المستفتي.