السؤال
أنا كنت تاركًا للصلاة, وقد تبت - ولله الحمد - وقد بدأت بقضائها الآن, ولكني وجدت أخطاء في صلاتي تبطلها, فهل يجب عليّ قضاء الصلاة الباطلة؟ علمًا أنني مقتنع بكلام شيخ الإسلام بعدم لزوم قضاء الصلوات الباطلة, فهل هناك تعارض بين قضاء الصلاة الباطلة والمتروكة؛ لأنني سوف أقضي المتروكة, ولا أقضي الباطلة؛ استنادًا لكلام شيخ الإسلام, فما الحكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا فرق - والله أعلم - في مآل الحكم بين تارك الصلاة عمدًا ومن بطلت صلاته لجهل أو خطأ عند شيخ الإسلام ابن تيمية؛ إذ لا قضاء على أي منهما عنده, جاء في مجموع الفتاوى: وتارك الصلاة عمدًا لا يشرع له قضاؤها, ولا تصح منه، بل يكثر من التطوع.
وفيها أيضًا: لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص, مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص, ويتبين له وجوب الوضوء, أو يصلي في أعطان الإبل, ثم يبلغه ويتبين له النص فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان: هما روايتان عن أحمد, ونظيره أن يمس ذكره, ويصلي, ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر. والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان، ولأنه قال: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} [الإسراء: 15] فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارًا لما أجنبا فلم يصل عمر، وصلى عمار بالتمرغ، أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أيامًا لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء. اهـ
والذي نراه ونرجحه في هذه المسألة: أن الأحوط والأبرأ للذمة أن تعيد جميع ما تخلد في ذمتك من الصلاة، سواء في ذلك ما تركته عمدًا, وما بطل عليك في أثناء القضاء، لكن إذا أخذت بمذهب الجمهور في المتروكة عمدًا, وبمذهب ابن تيمية في الباطلة بجهل أو بخطأ فالأمر واسع، ولا تعارض في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 154023 وما أحيل عليه فيها.
وراجع الفتوى: 2397 وهي في التزام المقلد لمذهب معين.
والله أعلم.