السؤال
هل الكعبة المشرفة هدمت وتم بناؤها؟
أثناء اطلاعي على بعض الكتب وجدت مكتوبا بها أن الكعبة تم هدمها أو تخريبها فمثل 1- عام 64 هجرية بأن يزيد بن معاوية ضرب الكعبة على يد القائد الحصين بن نمير.
2- في سنة 74 هجرية قام الحجاج بهدم الكعبة بزمن هشام بن عبد الملك.
3- في عام 119هجري أن الخليفة هشام بن عبد الملك كلف بن أخيه الوليد بأن يضع قبة على الكعبة وأن الوليد حمل القبة وأخذ معه خمرا فمنع من قبل أهل مكة المكرمة.
4- وفي عام 1019هجري تعرضت الكعبة إلى تشققات ورفض علماء المسلمين الموافقة على هدمها وبنائها
5- في عام 1039 هجري انهارت الكعبه نتيجة الأمطار الغزيرة وتم إعادة بنائها.
6- ما صحة الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عليه حول تقبيل الحجر الأسود (والله لو أني ما رأيت رسول الله قبلك ما قبلتك)
وإنني أكتب المصادر وهي:
1- الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام إعداد السهيلي.
2- تاريخ الأمم والملوك للطبري.
3- السيرة النبوية لابن هشام.
4- قصص الأنبياء للثعلبي وابن كثير.
5- معجم البلدان -مادة الكعبة.
أرجو من حضرتكم توضيح وصحة ذلك. ولكم مني كل تقدير واحترام.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتب التاريخ تجمع الصحيح والمنكر، وما سألت عنه من هدم الكعبة وبنائها في مجمله موجود في الكتب التي ذكرت وفي غيرها من كتب التاريخ والسير.
قال ابن كثير في البداية عند ذكر عمارة ابن الزبير للبيت: وتكون عمارة ابن الزبير رضي الله عنهما للبيت على مقتضى حديث عطاء في آخر ذي الحجة من سنة أربع وستين، وفي سنة خمس وستين، وذلك يوافق ما جزم به ابن الأثير في عمارة الكعبة.
وبعد قتل ابن الزبير رضي الله عنه دخل الحجاج مكة وكتب كتابا إلى عبد الملك بن مروان: إن ابن الزبير زاد في البيت على ما كان عليه في الجاهلية، فكتب إليه عبد الملك بن مروان: أن سد بابها الغربي الذي فتحه ابن الزبير، واهدم ما كان زاد فيها من الحِجر، واكبسها به على ما كانت عليه، فهدم الحجاج منها ستة أذرع وشبرا مما يلي الحِجر، وبناها على أساس قريش الذي كانت استقصرت عليه.
وأما ما ذكرت من كسوة هشام لها فهو صحيح، قال ابن الأثير: وكانت كسوة هشام بن عبد الملك من الديباج الثخين، ونزع المهدي كسوة البيت وكساه كسوة جديدة، وذلك أن الحجبة أنهوا إليه أنهم يخافون على الكعبة أن تتهدم لكثرة ما عليها من الأستار.
وأما ما ذكرت من أمر الوليد فمذكور في كتب التاريخ أيضا، قال ابن كثير: وقد ذكر ابن جرير وابن عساكر وغيرهما: أن الوليد بن يزيد كان قد عزم على الحج في إمارته فمن نيته أن يشرب الخمر على ظهر الكعبة، فلما بلغ ذلك جماعة من الأمراء اجتمعوا على قتله وتولية غيره.
وأما ما ذكرت من تصدع الكعبة وسقوط بعض جدرانها، ففي عام 1019 ظهرت آثار تصدع في جدار الكعبة المشرفة فعالجها السلطان أحمد خان بتطويقها بحزام معدني مزركش ومذَّهب حماية لها من التهدم.
ثم في عام 1039 هطلت أمطار غزيرة ففاضت مكة بسيل عار عمَّ منطقة الكعبة ووصل ارتفاعه إلى طوق القناديل المعلقة، وسقط على أثره الجدار الشامي للكعبة، وبعض الجدارين الشرقي والغربي وسقطت درجة السطح، فأمر السلطان العثماني بإعادة بنائها، واستعان في ذلك بمهندسين من مصر، واستغرقت عملية إصلاح الكعبة وتقوية دعائمها مدة ستة أشهر، قال في السيرة الحلبية: وفي شعبان سنة تسع وثلاثين وألف جاء سيل عظيم بعد صلاة العصر يوم الخميس لعشرين من الشهر المذكور هدم معظم الكعبة، سقط به الجدار الشامي بوجهيه، وانحدر معه في الجدار الشرقي إلى حد الباب، ومن الجدار الغربي من الوجهين نحو السدس، وهدم أكثر بيوت مكة، وأغرق في المسجد جملة من الناس خصوصا الأطفال، فإن الماء ارتفع إلى أن سد الأبواب، وعند مجيء الخبر بذلك إلى مصر جمع متوليها الوزير محمد باشا وهو الوزير الأعظم الآن: أي في سنة ثلاثة وأربعين وألف جمعا من العلماء كنت من جملتهم، ووقعت الإشارة بالمبادرة للعمارة.
وأما ما سألت عنه من تقبيل عمر للحجر فأثر صحيح رواه البخاري ومسلم، ولفظ البخاري: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك. وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 30234 / 183325 .
والله أعلم.