السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 18 سنة، وأنا من أهل القطيف، واعتنقت مذهب أهل السنة عندما كان عمري 11 سنة، وأنا سني الآن، لكني اعتنقت مذهب أهل السنة تقية، وأبي يأمرني بالخروج على ولي الأمر بما في ذلك تخريب الممتلكات العامة، ومهاجمة رجال الأمن. ولا أستطيع الرفض خشية معرفة أبي أني أصبحت من أهل السنة. فهل طاعة أبي واجبة أم لا؟ مع العلم أن أهلي يصومون إلى العشاء فأضطر للصيام معهم إلى العشاء. فما الحكم؟
وشكراً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال على ما يظهر من سؤالك من ظهور البدعة في بلدك بحيث تعجز عن إظهار الدين وإقامة السنة، وتضطر لفعل ما حرمه الله عليك، فالواجب عليك الهجرة من هذا البلد إلى بلد تتمكن فيه من إقامة الدين، وانظر الفتوى رقم: 149695 فإن عجزت عن الهجرة فعليك أن تتقي الله ما استطعت، ولا يجوز لك أن تطيع والدك في معصية الله تعالى، فليس لك تخريب أموال المسلمين وإتلافها، وإذا فعلت كنت آثما عاصيا لله تعالى ولزمك ضمان ما أتلفته، وليس لوالدك طاعة في هذا لأن الطاعة إنما هي في المعروف، فإن أكرهت على إتلاف هذه الأموال إكراها معتبرا شرعا بأن خفت على نفسك، أو خفت تلف عضو من أعضائك أو نحو ذلك جاز لك الإقدام على الإتلاف بقدر ما تدفع به الإكراه عن نفسك.
جاء في الموسوعة الفقهية: من أكره على إتلاف مال مسلم بأمر يخاف على نفسه، أو على عضو من أعضائه، وسعه أن يفعل ذلك. انتهى.
وأما مهاجمة رجال الأمن فلا يجوز لك ذلك ولو أكرهت عليه، فإنه لا يجوز لمسلم أن يتعمد قتل مسلم أو انتهاك حرمته بحال، وليس الإكراه عذرا في ذلك، فإنه ليس له أن يفدي نفسه بغيره.
قال القرطبي رحمه الله: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَا انْتَهَاكُ حُرْمَتِهِ بِجَلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَصْبِرُ عَلَى الْبَلَاءِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ، وَيَسْأَلُ اللَّهُ الْعَافِيَةَ في الدنيا والآخرة. انتهى.
وأما فطرك عند العشاء فالأمر فيه سهل، فإنه يسعك أن تفطر خفية حيث لا يراك أحد ولو على جرعة ماء، فإن عجزت عن ذلك فانو الفطر عند غروب الشمس.
وبالجملة فإن الواجب عليك هو الهجرة إلى حيث تستطيع إقامة دينك والعمل بالسنة، فإن عجزت فيجب عليك أن تتقي الله ما استطعت، وتعمل بما تقدر عليه من السنة، وتدعو إلى ذلك بحسب الإمكان، فإن عجزت فواجب عليك أن تكف عن أموال المسلمين فلا تتعرض لها بالإتلاف والتخريب، ولا يجوز لك طاعة أحد في إتلافها؛ إلا إن خشيت على نفسك التلف لو اطلع على أمرك فيجوز لك ذلك بقدر ما تدفع به الضرر عن نفسك. ولا يجوز لك تعمد أذية مسلم في بدنه بحال.
والله أعلم.