السؤال
انتشرت أنواع الطرق كالنقشبندية والقادرية والتيجانية في بلاد المسلمين وإذا لم يسلك أحد المسلمين إحدى هذه الطرق فكأنه غريب وبعيد عن هؤلاء، ولكل من هذه الطرق سند تسلسلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكتب في اللوح ويعلق في الجدران، فهل صحت هذه الطرق في نظر الشريعة الإسلامية؟ أفتوني بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالإسلام، فأمر بالتوحيد ونهى عن الشرك وأحل الطيبات وحرم الخبائث وبلغ دين الله أتم بلاغ حتى مات وقد ترك أمته على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وترك في أمته كتاب الله وسنته الغراء وبين لهم أن طريق السعادة في التمسك والاعتصام بهما، وأن من حاد عن هذه الطريق واتبع غير تلك السبيل فهو على شفا هلكة، وتمسك أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ وتابعوهم بإحسان بما بعثه الله به ولم ينحرفوا عن تلك الجادة، فمن أراد السعادة فليتبع النبي صلى الله عليه وسلم كما اتبعه هؤلاء الأفاضل في القرون الثلاثة المفضلة، فلا يكون له قدوة ولا إمام إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يفعل شيئا إلا أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، ولا يتعبد بشيء إلا إذا علم أن النبي صلى الله عليه وسلم شرعه لأمته، فالحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله، وليتجنب البدع والمحدثات التي أحدثها أصحابها بعد انقضاء هذه القرون الفاضلة، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، والذي نعلمه من حال هذه الطرق في وقتنا الحاضر أنها مخالفة لما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من تجريد التوحيد لله تعالى وتمحيض المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ينتسب إلى هذه الطرق بعض الصالحين، ولكن العبرة بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يتصل إلينا بالسند عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا سنته الشريفة، فمن زعم أن له ببدعته سندا يتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد كذب وافترى، وهذه الطرق تتفاوت قربا وبعدا من السنة وتكثر في بعضها المخالفات حتى تصل إلى درجة الشرك ـ عياذا بالله ـ وتقل في أخرى، والذي يضبط لك هذا الأمر هو العلم النافع الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فمتى اجتهدت في طلب العلم سهل عليك تمييز الحق من الباطل والغث من السمين، فليتجنب المسلم الحريص على دينه الراغب في النجاة يوم يقدم على الله تعالى كل الطرق المخالفة لسنته صلى الله عليه وسلم وليلزم طريقا واحدا هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم اتباعا لأمره واجتنابا لنهيه وتمسكا بسنته واقتفاء لأثره صلوات الله عليه، وسنته تعرف وتتلقى من أهل العلم المعظمين لها العاملين بها الداعين إليها:
وخير أمور الدين ما كان سنة وشر الأمور المحدثات البدائع.
قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ {آل عمران:31}.
وقال صلى الله عليه وسلم: وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.
والآيات والأحاديث والآثار الآمرة بالتمسك بالسنة والمحذرة من ضدها لا تحصى كثرة، فأعرض ـ أيها الأخ الكريم ـ عن الطرق الزائغة والتمس الهدى في كتاب الله وفيما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يصدنك عن التمسك بالسنة ما تشعر به من الغربة بين أرباب هذه الطرق، فالعبرة بالتمسك بالحق كثر متبعوه أو قلوا، قال الفضيل ـ رحمه الله: اسلك سبيل الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 97998، 108534، 102883.
والله أعلم.