السؤال
آسفة لإعادة السؤال ولكن لتصحيح نقص في الطباعة: نحن في أستراليا نستخدم مواد تنظيف تدخل في تصنيعها شحوم ودهون حيوانات ولا نعلم مصدرها، فهل من الممكن اعتبارها من المواد التي يحدث لها استحالة فتتغير من شحوم ودهون حمضية بالتفاعل مع مواد قاعدية لينتج عن ذلك ملح الحمض الدهني أي: دهن حمضي وقاعدة = ملح الحمض الدهني ـ صابون ـ وماء؟ وهل يمكن قياسه كما يحدث للخنزير أو الميتة التي تقع في الملح فينتج من تحولها الملح فاستحالت من النجاسة إلى الطهارة؟ أرجوكم أفتونا بأسرع وقت ممكن وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالقول المفتى به والمرجح عندنا أن النجاسة إذا استحالت طهرت، كما في الفتوى رقم : 134644 ، وغيرها.
فإذا علمتم أن تلك الشحوم والدهون الحيوانية تعالج كيميائيا إلى أن تستحيل إلى مواد أخرى فلا إشكال حتى ولو علمتم نجاسة أصلها أو لم تعلموا مصدر تلك الشحوم والدهون الحيوانية, ويكون حكمها كحكم الكلب والخنزير يقع في المملحة ويستحيل فيصير حكمه كحكم الملح عند من قال به وهم الحنفية والمالكية في المشهور عندهم، وأما إذا لم تستحل تلك الشحوم والدهون الحيوانية وصنعت منها مواد التنظيف وجهل حالها هل هي من حيوان ذكي الذكاة الشرعية أم لا فينظر في القرائن التي قد تغلب أحد الاحتمالين كأن يكون مصدرها دولة غير إسلامية لا تراعي الذكاة الشرعية في الذبح فيغلب على الظن حينئذ أنها نجسة، لأن الغالب على تلك الدول أنها لا تذكي الذبيحة الذكاة الشرعية وتستبيح استعمال الخنزير في أطعمتها وتأخذ حينئذ حكم الصابون الذي دخل في صناعته نجس أو متنجس, وقد اختلف الفقهاء في حكم استعماله، جاء في الموسوعة الفقهية:
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُخْتَارِ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الصَّابُونَ الْمَصْنُوعَ مِنَ الزَّيْتِ النَّجِسِ أَوِ الْمُتَنَجِّسِ طَاهِرٌ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ، وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ كَذَلِكَ الاِنْتِفَاعَ بِالصَّابُونِ الْمَعْمُول مِنْ زَيْتِ نَجِسٍ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِطَهَارَتِهِ، فَقَدْ جَاءَ فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ نَقْلاً عَنِ الْمَجْمُوعِ: يَجُوزُ اتِّخَاذُ الصَّابُونِ مِنَ الزَّيْتِ النَّجِسِ، قَال الرَّمْلِيُّ: وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ فَقَالُوا: بِجَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِمُتَنَجِّسٍ، لاَ بِنَجِسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَأَكْل آدَمِيٍّ، فَيُسْتَصْبَحُ عِنْدَهُمْ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَيُعْمَل مِنْهُ الصَّابُونُ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلاَمِهِمْ: عَدَمُ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالصَّابُونِ الْمَعْمُول مِنَ النَّجِسِ كَشَحْمِ الْمَيْتَةِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ تَطْهُرُ نَجَاسَةٌ بِاسْتِحَالَةٍ وَلاَ بِنَارٍ، فَالصَّابُونُ الْمَعْمُول مِنْ زَيْتِ نَجِسٍ نَجِسٌ، وَدُخَانُ النَّجَاسَةِ وَغُبَارُهَا نَجِسٌ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ. اهــ مختصرا.
ونظرا لعموم البلوى بمثل تلك المنظفات فلعل القول بجواز استعمالها متجه، لما فيه من رفع الحرج على الناس، وليس من شك في أن الورع تركها إذا لم تعلم طهارتها، خروجا من الخلاف.
والله أعلم.