السؤال
أختي تريد أن تتبنى طفلاً لتنال عظيم الأجر من الله على هذا التبني والتربية. فهل يوجد منفذ في الشريعة الإسلامية يجعل هذا الطفل محرماً لها ولبناتها عندما يكبر؟ مع العلم بأنها غير مرضعة، ولا تستطيع أن ترضعه ليصبح ابناً لها وأخاً لبناتها بالرضاعة. وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبني بمعنى أن يلحق نسب الشخص بشخص آخر لا يجوز شرعاً، وقد سبقت الإجابة عليه وتعريفه في الفتوى: 5036.
وإذا كان المقصود بالتبني هنا: هو كفالة هذا الصغير اليتيم أو الفقير، والقيام برعايته وإصلاح شؤونه، فلا شك أن هذا عمل خيري؛ بل من أجلِّ الأعمال الصالحة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئاً. رواه البخاري وغيره.
فليس إذاً بعد منزلة كافل اليتيم منزلة، والحديث وإن كان نصاً في كافل اليتيم، لكن كفالة غيره من المحتاجين إن لم تكن بنفس الدرجة، فإنها على قدر عظيم من الأهمية.
قال العراقي في (شرح الترمذي): لعل الحكمة هي كون النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم، فيكون كافلاً لهم ومعلماً ومرشداً، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه؛ بل ولا دنياه، ويرشده ويعلمه ويحسن أدبه، فظهرت مناسبة ذلك.
فعلى هذا، فإن كافل الصغير القائم بجميع شؤونه ومصالحه الدينية والدنيوية يكون بمنزلة كافل اليتيم.
أما السؤال عن طريقة تجعل المتبنى محرماً لمن تبنته ولبناتها عندما يكبر؟ فهو إرضاعها إياه من زوجة زوجها إن كانت له زوجة أخرى مرضعة، وبذلك يصبح محرماً لها هي، لأنه ابن زوجها من الرضاعة، ومحرماً -أيضاً- لبناتها لأنه أخوهن من الرضاعة، وإن رضع من أم زوجها صار عماً لبناتها من الرضاعة، غير أنه ليس محرماً لها هي.
كما أنه -أيضاً- يصير محرماً لها هي إن أرضعته من إحدى أخواتها أو زوجة أخيها، غير أنه في هاتين الحالتين لا يكون محرماً لبناتها إذا لم يرضعن معه.
والخلاصة: أنه إن رضع في الحولين رضاعاً معتبراً يحرمها هي أو يحرم بناتها أو يحرمهن جميعاً، فالأمر واضح، وإلا فهو أجنبي كغيره من الأجانب لا يجوز له الاختلاء بها ولا ببناتها إذا بلغ الحلم، فيجب عليهن الاحتجاب منه.
والله أعلم.