السؤال
أود أن أستشيركم في أمر، وهو أنني كنت عقدت كتابي على فتاة من بلدي، لكنني اكتشفت بأن هذه الفتاة وأهلها قد أخفوا عني وعن أمي أن فيها عيبا وهو حرق واضح جداً في المنطقة الحساسة، أنا لا أعلم بذلك لأنني لم أدخل بها ولا حتى قاموا بإخبار أمي بذلك، وقد صارحتني بذلك قبل الدخلة وذلك لحدوث مشاكل عديدة، وقالت لي بأنها لا تريد الاستمرار معي، وأعادت لي المصاغ، بالإضافة إلى أنها قالت لي بأن هذا الحرق قد تسبب لها بمشكلة بالمبايض، وبأنها من الممكن أن لا تنجب بطرقة طبيعية هكذا قالت لها الدكتورة، وقد أخفت هذا الشيء عني وعن أهلي، وبعد ذلك قررت أنني لا أستطيع الاستمرار معها، وذلك ليس فقط لهذا السبب لكن لأسباب كثيرة يطول شرحها واتفقنا على أن نقوم بإجراءات الطلاق مراضاة، لكنني أتفاجأ بأنهم رفعوا علي قضية ويطالبونني بالمهر، وبكل شيء باعتباري زوجها شرعا، مع أنني لم أدخل بها، فهل يجوز لهم ذلك؟ وهل يجوز للمرأة أن تخبئ عن زوجها مثل ذلك العيب الخلقي قبل الزواج؟ وهل يجوز لها أن تضعني تحت الأمر الواقع؟ وما هو رأيكم بما سبق؟ وشكرا جزيلا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنريد أولا التنبيه إلى أن العيوب التي يستحق معها الزوج أو الزوجة رد النكاح إذا وجدها أحدهما في الآخر قد اختلف فيها أهل العلم، فذهب جمهورهم إلى حصرها في عدد معين، وذهب البعض إلى أنها ليست محصورة وكنا قد بينا شطرا من خلافهم، كما في الفتوى رقم: 145009
والذي يجب الإخبار به من العيوب هو ما يعطي حق فسخ النكاح، جاء في الشرح الصغير للشيخ الدردير: وللولي كتم العمى ونحوه من كل عيب لا يوجب الخيار إلا بشرط, أي إذا لم يشترط الزوج السلامة منه، لأن النكاح مبني على المكارمة بخلاف البيع، يجب على البائع بيان كل ما يكرهه المشتري، وأما ما يوجب الخيار فعليه بيانه. اهـ.
فعلى مذهب الجمهور لم يكن يجب على أهل الزوجة ذكر العيب المذكور، لأنه ليس مما فيه الخيار عندهم، وعلى القول الآخر فإن كان هذا العيب يخل بالاستمتاع أو يمنعه أو يسبب النفور بين الزوجين فإنه لا يجوز إخفاؤه عن الزوج ويبيح له فسخ النكاح به، وإن وقع الفسخ قبل الدخول سقط المهر، جاء في الموسوعة الفقهية في مبحث سُقُوطُ الْمَهْرِ بِالْفَسْخِ: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ مَنْ يَقُول بِالْفَسْخِ بِالْعُيُوبِ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْفَسْخَ قَبْل الدُّخُول، أَوِ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَقَالُوا: إِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ فَهِيَ الْفَاسِخَةُ ـ أَيْ طَالِبَةُ الْفَسْخِ ـ فَلاَ شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَسَبَبُ الْفَسْخِ مَعْنًى وُجِدَ فِيهَا، فَكَأَنَّهَا هِيَ الْفَاسِخَةُ، لأِنَّهَا غَارَّةٌ وَمُدَلِّسَةٌ. اهـ.
وفي هذه الحال ليس من حقهم مطالبتك بشيء من المهر. وأما إذا كان العيب المشار إليه لا يخل بالاستمتاع ولا يسبب النفور فإنه لا يبيح فسخ النكاح، ولك أن تطلقها إن شئت، ولكن يستقر عليك نصف المهر إن طلقتها قبل الدخول والخلوة، لقول الله تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون { البقرة: 237}.
وعند الاختلاف ينبغي رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية. وانظر الفتوى رقم: 155243عن حقوق المرأة المطلقة قبل الدخول.
والله أعلم.