الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السكران المتسبب في حادث ومات جراءه

السؤال

ما فتوى حادث مروري كان المتسبب فيه سكران ومات إثر الحادث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ثبت أن هذا السكران هو المتسبب في الحادث الذي مات فيه، وكان الذي اصطدم به يسير في طريقه حسبما تقتضيه قوانين المرور، ولم يكن له حيلة في تفاديه بأي وسيلة فإن المصطدم بهذا السكران لا يلزمه شيء، لأنه لم يتسبب ولم يتعد أو يقصر، والله تعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا. {البقرة:286}. وما لا يمكن التحرز منه لا ضمان فيه، فالضمان يكون بالمباشرة أو التسبب إذا كان المتسبب متعديا - كما قال أهل العلم- .

قال ابن قدامة في المغني : وإذا أوقد في ملكه نارا أو في موات فطارت شرارة إلى دار جاره فأحرقتها، أو سقى أرضه فنزل الماء إلى أرض جاره فأغرقها لم يضمن إذا كان فعل ما جرت به العادة من غير تفريط لأنه غير متعد، ولأنها سراية فعل مباح فلم يضمن.

والمتسبب في الحادث هو الذي يلزمه ما ترتب عليه الحادث من الدية والكفارة، سواء كان سكرانا أو غير سكران، وقد نص أهل العلم على أن السكران يلزمه ما جناه. قال ابن أبي زيد في الرسالة: والسكران إن قتل قتل. وقال ابن عاشر في التكميل:

لاَ يَلْزَمُ السكرانَ إقرارُ عُقُودْ بل ما جَنا عتقُ طلاق وحُدُودْ.

قال العلماء: لئلا يتساكر الناس ويقتلون الأنفس والأموال ويدعوا عدم العقل بالسكر، والفرق بينه وبين المجنون أنه أدخله على نفسه وأنه يتأتى منه القصد بخلاف المجنون.

وجاء في شرح مسلم للنووي أن النبي صلى الله عليه وسلم غرّم حمزة رضي الله عنه ناقتي علي رضي الله عنه عندما أتلفهما وهو سكران قبل تحريم الخمر. ولذلك فإن ما ترتب على هذا الحادث من تلف لنفس فإن السكران مؤاخذ به إن كان هو المتعدي، فإن كان دون الثلث ففي مال السكران المتسبب في الحادث إن كان له مال، وما بلغ الثلث أو زاد عليه فهو على عاقلته كالمجنون والصبي.

قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ عند قوله: ليس على مجنون قود.. والسَّكْرَان إِذَا قَصَدَ إِلَى الْقَتْلِ قُتِلَ ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى مَعَهُ مِنْ الْمَيْزِ مَا يَثْبُتُ بِهِ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَسَائِرُ الْحُقُوقِ، وَلَوْ بَلَغَ حَدَّ الْإِغْمَاءِ الَّذِي لَا يَصِحُّ مَعَهُ قَصْدٌ وَلَا فِعْلٌ لَكَانَتْ جِنَايَتُهُ كَجِنَايَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ..

ويكون ذلك في ماله إن كان مالا أو جناية دون ثلث الدية وإلا كانت على عاقلته، وإن مات هو أو تلفت سيارته فهو هدر لأنه أتلف نفسه. قال ابن قدامة: إذا كان الواقف متعديا بوقوفه مثل أن يقف في طريق ضيق فالضمان عليه دون السائر لأن التلف حصل بتعديه، فكان الضمان عليه، كما لو وضع حجرا في الطريق أو جلس في طريق ضيق فعثر به إنسان... وإن مات هو أو دابته فهو هدر لأنه أتلف نفسه ودابته.

وانظر للمزيد من الفائدة الفتاوى التالية: 110494، 19279، 23912،143085 ، 3797 ،7911، 24372 136603.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني