السؤال
في البرد الشديد تصيب يدي تشققات جلدية، أرى من خلالها حمرة، ويخرج منها أحيانا نقاط دم صغيرة سرعان ما تيبس، يصعب تفادي ملامسة ذلك الدم- ربما كان يابسا أو سائلا- لثيابي، وأضع جوربا في يدي أستخدمه كقفاز حتى أتجنب ذلك وهذا قدر المستطاع، ثم أضعه في جيبي عند الصلاة، هل وضوئي وصلاتي على هذه الحال صحيحة، وما مدى طهارة الماء الذي أغسل به الثياب وأدخل فيه يدي؛ علما أنه لا شيء يتغير من صفاته.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ما دام الدم الذي يظهر من تشققات اليدين يسيرا فإنه يعفى عنه، ولا يؤثر على صحة الصلاة ولا الوضوء من باب أولى . وانظر تقدير اليسير عند الفقهاء في الفتوى رقم: 50288 ، والفتوى رقم: 18639.
وإن كان غير يسير فيجب غسله عند الصلاة؛ لأن طهارة الخبث شرط، وعليك أن تنزع الجورب من جيبك قبل الصلاة إن كان مصابا بالدم؛ لأن حمل النجاسة في الصلاة مبطل لها إذا لم تكن معفوا عنها.
قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل في الفقه المالكي: يعني أن النجاسة يطلب إزالتها عن ثوب المصلي وعن كل ما هو حامل له ولو كان طرف ذلك الثوب أو العمامة أو نحوه ملقى على الأرض لأن المصلي يعد حاملا لذلك. انتهى.
وفي المهذب في الفقه الشافعي: وإن حمل قارورة فيها نجاسة وقد شد رأسها ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأن النجاسة لا تخرج منها، فهو كما لو حمل حيوانا طاهرا، والمذهب أنه لا يجوز لأنه حمل نجاسة غير معفو عنها في غير معدنها فأشبه إذا حمل النجاسة في كمه. انتهى.
وإن كنت تغسل الجورب أو لم يصبه شيء من الدم فلا حرج في وضعه في الجيب أثناء الصلاة، ومن ناحية أخرى يجب إيصال الماء إلى باطن تلك التشققات إذا أمكن وصول الماء إليها، قال الحطاب في مواهب الجليل: قال الباجي في المنتقى: ولو كان أثر الجرح ظاهرا لوجب إيصال الماء إليه وغسله كموضع القطع من الكوع وأصابع القدم. انتهى.
هذا إذا كان يمكن التحرز من الدم، فإن لم يمكن التحرز منه عفي عنه ولو كثر دفعا للمشقة وجلبا للتيسير، بناء على القاعدة المقررة في الفقه، وعفي عما يعسر. ففي مختصر خليل في الفقه المالكي: ( وعفي عما يعسر )قال في منح الجليل : وعفي عما ) أي كل نجاسة ( يعسر ) أي يصعب ويشق الاحتراز عنه وهذه قاعدة كلية. انتهى.
وهذا من يسر الشريعة وسهولتها كما قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78}
والماء الذي تدخل فيه يدك فحكمه حكم الماء الذي خالطته نجاسة، وقد سبق التفصيل في كلام أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 61576.
وقد ذكرنا الفرق بين ورود النجاسة على الماء أو وروده عليها في الفتوى رقم: 97136، فراجعها.
فإن كانت المياه متنجسة كانت الثياب التي غسلت بها كذلك وإلا فلا. وانظر الفتوى رقم: 27157لبيان عدم نقض الوضوء بالدم الخارج من غير السبيلين
والله أعلم.