السؤال
قال صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه، قالوا يارسول الله، وكيف يذل نفسه؟ قال : يتحمل من البلاء مالا يطيق. فهل إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأناس لا يعرفهم خوفاً من حدوث فتنة أو خوف الأهل عليّ من وقوع أذية غير محتملة - فقد شاهدنا قريبا يضرب قريبته بالحجر أثناء تنزههم - يسقط عنه؟ وهل الصبر مستحب إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر في هذه الحالة، فالهيئات لا تستطيع منع التبرج وأهلي يرفضون اتصالي عليهم وتبليغي، كذلك بعض النساء لا أستطيع نصحهم سراً فبعض الأماكن ممتلئة بالناس علماً أني أغض البصر في الأماكن قليلة المنكر -التبرج- ووالداي يرغبان في خروجي معهما لكني لا أخرج معهما إلى الأماكن المزدحمة كالملاهي في الأسواق، لكن أخي الصغير أحياناً يرغب ان أتنزه معه فأعتذر منه ، كما أن نفسي لا تعطيني أن أنصح المتبرجة ومعها زوجها أو محرمها لأن الناس يكرهون النصيحة علناً، فأخاف نفورها من الدين أو وقوع الفتنة فما الحكم؟ وما الحل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق بيان المراد من الحديث المذكور في الفتوى رقم: 99085.
ولا يخفى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب حسب الاستطاعة، فإذا ترتب عليه ضرر أو خيف منه وقوع مفسدة أكبر فلا يجب، لكن من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وصبر على الأذى فهو أفضل ، قال القرطبي: قوله تعالي : {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر ؛ فهو إشعار بأن المغير يؤذى أحيانا ؛ وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله ؛ وأما على اللزوم فلا. الجامع لأحكام القرآن.
وعليه، فإذا رأيت منكرا من تبرج أو نحوه فانصحي مرتكبيه، وبيني لها حكم الله في ذلك، وليكن نهيك عن المنكر وأمرك بالمعروف بحكمة ورفق، مراعية فيه الحالة التي من شأنها أن يجد أمرك فيها أو نهيك استجابة من مرتكب المنكر.
واعلمي أن الأمر بالمعروف والنهي على المنكر فرض كفاية، وإنما يتعين على الشخص إذا لم يكن غيره يقدرعلى تغييره، قال النووي: ... ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أولا يتمكن من إزالته إلا هو. اهـ شرح النووي على مسلم، وللفائدة انظري الفتويين رقم: 17092 ، 18519.
والله أعلم.