السؤال
سؤالي عن تفطير الصائم وأرجو أن لا تحيلوني على أسئلة سابقة. فقد شاهدتها ولكن ليس بها الجواب الكامل لسؤالي، وأيضا شاهدت صحة هذه الأحاديث للشيخ الألباني فوجدت نسبة كبيرة جداً حكم عليها الشيخ بأنها ضعيفة جداً، ومنهجي في الأحاديث الضعيفة أنها لا يعمل بها حتى ولو كانت في فضائل الأعمال ولي سلف في هذا المأخذ الذي أخذته وبارك الله فيكم.
وسؤالي: هل يحصل هذا الأجر فقط بإطعام الصائمين حبة تمر أو ما شابه أم لا بد من إعداد طعام كامل يأكل منه؟ وإذا كان فقط الجواب بإطعام تمر فأحياناً يحدث أن نقوم بدعوة بعض الأصدقاء إلى الإفطار فيذهبون إلى المسجد ويأكلون تمرا ثم يصلون ثم يقدمون إلينا. هل نكون قد حرمنا الأجر وإذا قلت لهم مثلاً لا تأكلوا إلا عندي في منزلي قالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجل الفطر. فماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تفطير الصائمين من العبادات العظيمة التي ثبت في فضلها ما يحث المسلم على المحافظة عليها، فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً. رواه الترمذي وغيره، وقال الترمذي حسن صحيح.
فإذا علمت هذا فإن العلماء مختلفون فيما يحصل به تفطير الصائم، فمنهم من قال يحصل بأدنى شيء ولو بتمرة أو جرعة من ماء أو مذقة من لبن، واستدلوا له بحديث روي في ذلك عن سلمان لكنه لا يصح، وبأن ظاهر الحديث المتقدم يدل على هذا، وقال بعض العلماء إن هذا الثواب لا يحصل إلا لمن أشبع الصائم، لأن إشباعه هو الذي يحصل به المقصود من تقوية على العبادة واستغنائه في تلك الليلة، وهذا القول هو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال ابن مفلح رحمه الله في الفروع: ومن فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء. صححه الترمذي من حديث زيد بن خالد. وظاهر كلامهم أي شيء كان كما هو ظاهر الخبر. وكذا رواه ابن خزيمة من حديث سلمان الفارسي وذكر فيه ثواباً عظيماً إن أشبعه. وقال شيخنا مراده بتفطيره أن يشبعه. انتهى.
ورجح القول الأول الشيخ العثيمين رحمه الله.
قال في شرح رياض الصالحين: واختلف العلماء في معنى من فطر صائماً فقيل: إن المراد من فطره على أدنى ما يفطر به الصائم ولو بتمرة. وقال بعض العلماء: المراد بتفطيره أن يشبعه لأن هذا هو الذي ينفع الصائم طول ليلة وربما يستغني به عن السحور؟ ولكن ظاهر الحديث أن الإنسان لو فطر صائماً ولو بتمرة واحدة فإنه له مثل أجره. ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص على إفطار الصائمين بقدر المستطاع لا سيما مع حاجة الصائمين وفقرهم أو حاجتهم لكونهم لا يجدون من يقوم بتجهيز الفطور لهم. انتهى.
وإذا تقرر لك ما مر فالذي ينبغي لك إذا أردت الحرص على كمال الأجر في تفطير الصائمين أن تكون أول من يقدم لهم ما يفطرون عليه، ويمكنك أن تذهب إلى هذا المسجد الذي يصلي فيه أصدقاؤك المغرب فتصلي معهم وتكون أول من يفطرهم، وإن لم تفعل واكتفيت بتقديم العشاء لهم فأشبعتهم رجونا ألا يفوتك نصيبك من الأجر، وفضل الله عز وجل عظيم.
والله أعلم.