السؤال
أود السؤال عن الإفرازات التي تخرج من رحم المرأة. قرأت فتاوى في الموقع ذكرتم فيها أن الافرازات إذا كانت تخرج طوال اليوم تعتبر من السلس فتتوضأ عند دخول الوقت وتبقى طاهرة طوال ذلك الوقت ..لقد علمت هذا ولكن حالتي مختلفة فأنا عند دخول الوقت أقوم بالاستنجاء ثم أتوضأ فينقطع عني إلى قرابة الساعة ثم يعاود النزول، وأحيانا بعد خروجي من الحمام بقليل ( أكرمكم الله) أي قبل أن أصلي فأعاود الاستنجاء والوضوء أي أنه ليس له حالة معينة. أصبح وضوئي سريعا وأصبحت أسرع بالصلاة قبل أن ينزل مني شئ أحيانا أقول إن هذا سلس وسأتوضأ في بداية الوقت ولكني أطهر بعض الوقت. أرجوكم أخبروني هل أعتبر أن هذا سلس وأتجاهله أم لا ؟ لأني -أستغفر الله- بدأت أتثاقل عن الصلاة ليس من أجل كرهي للصلاة ولكن بسبب هذه الافرازات ..أفيدوني وأنيروني أنار الله دنياكم وأخراكم؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية، ثم اعلمي أن هذه الإفرازات ناقضة للوضوء في قول الجماهير، وهي طاهرة على الراجح، ومن كانت مبتلاة بدوام خروجها فحكمها حكم صاحب السلس. وراجعي الفتوى رقم: 110928، وقد بين العلماء أن المستحاضة وفي معناها كل صاحب عذر إن كان لها عادة بانقطاع الدم زمنا يكفي لفعل الطهارة والصلاة فيجب عليها أن تنتظر هذا الوقت وتصلي فيه بطهارة صحيحة، ولكن إن كانت هذه العادة مضطربة فتارة ينقطع وتارة لا ينقطع، وتارة يتقدم وتارة يتأخر كما هو الشأن في حالتك، فإن حكمها حكم من اتصل حدثها، فتتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي، ولا يضرها ما خرج منها، لكن إن انقطع الحدث زمنا يكفي لفعل الطهارة والصلاة قبل دخولها في الصلاة لزمها إعادة الوضوء لأننا تيقنا بطلان طهارتها إذ قد أمكن أن تصلي بطهارة صحيحة، ويرى بعض العلماء أنه لا عبرة بهذا الانقطاع مطلقا لأن في اعتباره حرجا ومشقة، بل حكمها في هذه الحال حكم صاحب السلس فتتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي سواء انقطع الحدث أو اتصل، وهذا ما اختاره جماعة من الحنابلة منهم المجد جد شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال في الإنصاف: الثامنة: لو كثر الانقطاع واختلف بتقدم وتأخر وقلة وكثرة ووجد مرة وعدم أخرى ولم يكن لها عادة مستقيمة باتصال ولا بانقطاع. فهذه كمن عادتها الاتصال عند الأصحاب في بطلان الوضوء بالانقطاع المتسع للوضوء والصلاة دون ما دونه، وفي سائر ما تقدم إلا في فصل واحد وهو أنها لا تمنع من الدخول في الصلاة والمضي فيها بمجرد الانقطاع قبل تبين اتساعه. وقال المجد في شرحه: والصحيح عندي هنا أنه لا عبرة بهذا الانقطاع بل يكفي وجود الدم في شيء من الوقت قال وهو ظاهر كلام أحمد في رواية أحمد بن القاسم واختاره الشارح واختاره في مجمع البحرين: قال ابن تميم وهو أصح إن شاء الله تعالى. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وقد ذكرنا من كلام أحمد ما يدل على أنه لا عبرة بهذا الانقطاع بل متى كانت مستحاضة أو بها عذر من هذه الاعذار فتحرزت وتطهرت فطهارتها صحيحة وصلاتها بها ماضية ما لم يزل عذرها وتبرأ من مرضها، أو يخرج وقت الصلاة، أو تحدث حدثا سوى حدثها. انتهى.
وما دام الحال ما ذكر وليست لك عادة بانقطاع الحدث معلومة ولكنها عادة مضطربة غير منضبطة فلا نرى حرجا في الأخذ بقول من لا يعتبر هذا الانقطاع، لأنه موافق لمقاصد الشريعة من رفع الحرج عن المكلفين مصداق قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. {الحـج:78}.
وعليه فإنك تتوضئين بعد دخول الوقت ولا تلتفتين إلى هذا الانقطاع ما دام غير منتظم، فإن علمت انقطاعه في وقت ما وانتظمت لك بذلك الانقطاع عادة فإنك لا تصلين إلا في هذا الوقت المعلوم لك لتصلي بطهارة صحيحة، وهذا كله على القول بان الحدث الدائم يوجب الوضوء لوقت كل صلاة وهو مذهب الجمهور.
والله أعلم.