السؤال
في الفتوى: 98551 ذكرتم جواز هذا التعامل، وأريد أن أسأل فضيلتكم: هل لا بد من معرفة المشترين بأصل السعر الذي أشتري به الغرفة من الفندق، ومعرفة المبلغ المضاف؟ وهل لا بدّ من معرفة المشتري أنني أقوم بالتجارة، وأنني أزيد على سعر الغرفة؛ لأنه أحيانًا يعتقد أنني أفعل ذلك دون مقابل؟ وهل لا بدّ من دفع ثمن الغرفة للفندق قبل تحصيل ثمنها من المشتري؟
أحيانًا أبذل مجهودًا في الحصول على غرفة في أوقات الذروة -وهذا المجهود عبارة عن علاقات، أو بحث عن إمكانية غرف فارغة عند شركات معينة، وما إلى ذلك-، فهل رفع سعر الغرفة حلال في هذه الحالة؟ وهل يعد هذا من الاستغلال؛ فالمشترون مضطرون إلى الشراء؛ لعدم وجود غرف فارغة عند أي أحد؟ وهل يجوز أن أقوم بهذا العمل -وهو الاتجار في الغرف- رغم أنه ليس من اختصاصي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فلا يلزم البائع إخبار المشتري، أو المستأجر بأصل السعر، في غير بيوع الأمانات، كما لا يشترط معرفة المشتري، أو المستأجر أن من يبيعه، أو يؤجر له، صاحب مهنة تجارة، أو غيرها. وليس على البائع، أو المؤجر أن يبين مقدار ربحه، ورأس ماله، إن كان العقد مساومة: وَهُوَ الْبَيْعُ الَّذِي لاَ يُظْهِرُ فِيهِ الْبَائِعُ رَأْسَ مَالِهِ.
وأما في بيوع الأمانة، فلا بد من بيان أصل السعر، ورأس المال؛ لأِنَّهُ يُؤْتَمَنُ فِيهَا الْبَائِعُ فِي إِخْبَارِهِ بِرَأْسِ الْمَال، وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
أ - بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ، وَهُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يُحَدَّدُ فِيهِ الثَّمَنُ بِزِيَادَةٍ عَلَى رَأْسِ الْمَال.
ب - بَيْعُ التَّوْلِيَةِ، وَهُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يُحَدَّدُ فِيهِ رَأْسُ الْمَال نَفْسُهُ ثَمَنًا، بِلاَ رِبْحٍ، وَلاَ خَسَارَةٍ.
ج - بَيْعُ الْوَضِيعَةِ، أَوِ الْحَطِيطَةِ، أَوِ النَّقِيصَةِ: وَهُوَ بَيْعٌ يُحَدَّدُ فِيهِ الثَّمَنُ بِنَقْصٍ عَنْ رَأْسِ الْمَال، أَيْ: بِخَسَارَةٍ. انتهى من الموسوعة الفقهية.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 121384.
ولا يمنع بيع السلعة، أو تأجير العين المؤجرة قبل دفع ثمن السلعة، أو نقد ثمن الكراء للبائع، أو المؤجر، وإنما المهم هو أن يكون البائع قد ملك السلعة، أو المنفعة؛ لئلا يبيع، أو يؤجر ما لا يملك، كما بينا في الفتوى: 98551.
وأما امتهانك لذلك العمل غير أنه ليس من اختصاصك، فلا حرج فيه، فقد أحل الله البيع، وأباح التكسب بأوجه الحلال، وطرق الكسب المشروعة، ولا يشترط التخصص في ذلك، وإنما يشترط الصدق، والأمانة، والوفاء، ويحرم الغش، والتدليس، والكذب، والخيانة.
ومن اشترى سلعة، ثم باعها بربح، أو استأجر غرفة، ونحوها، ثم أجّرها لغيره بربح، فلا حرج في ذلك، لكن ينبغي أن يكون الربح معقولًا. واستغلال حاجة الناس، ومضاعفة الربح عليهم، من الجشع المذموم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى. رواه مالك في الموطأ عن جابر -رضي الله عنه-، وبعضه في البخاري. والإجارة أخت البيع.
وننبهك إلى أن ما تقدم من البيع، والإجارة، في حال كنت بائعًا أو مؤجًرا لما ملكت. أما إن كان هؤلاء الناس يوكلونك بأجرة معلومة في استئجار الغرف، فليس لك إلا الأجرة المتفق عليها معهم.
والله أعلم.