السؤال
موظف لدينا ثبت سوء استغلاله لمنصبه بالحصول على أموال ليست من حقه، وقد سقط قانوناً -بالتقادم- حقنا في مطالبته برد تلك الأموال. هذا الموظف وقع في مأزق ومضطر لترك العمل، ويمكننا مساومته الآن و الضغط عليه واسترداد كل أو جزء مما أخذه بدون وجه حق.السؤال هو: هل لو استغللنا أزمته وضغطنا عليه واسترددنا أموالنا منه دون سند من القانون فهل هذا حرام ؟ وهل هناك سقوط للحق بالتقادم في الشرع كما هو في القانون ؟ نرجو الإفادة .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما مسألة سقوط الحق بالتقادم فليس من شرع الله في شيء، وإنما الذي تكلم فيه فقهاء الشريعة هو منع القاضي من سماع الدعوى بعد مدة معينة بشروط معينة، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين: 49395 ، 129103. وجاء في (الموسوعة الفقهية): التصرفات الباطلة لا تنقلب صحيحة بتقادم الزمان، ولو حكم حاكم بنفاذ التصرفات الباطلة، فإن ثبوت الحق وعودته يعتبر قائما في نفس الأمر، ولا يحل لأحد الانتفاع بحق غيره نتيجة تصرف باطل ما دام يعلم بذلك. فإن حكم الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا. هذا هو الأصل .. ومضي فترة من الزمن على أي تصرف مع عدم تقدم أحد إلى القضاء بدعوى بطلان هذا التصرف، ربما يعني صحة هذا التصرف أو رضا صاحب الحق به. ومن هنا نشأ عدم سماع الدعوى بعد مضي مدة معينة، يختلف الفقهاء في تحديدها بحسب الأحوال، وبحسب الشيء المدعى به، وبحسب القرابة وعدمها، ومدة الحيازة، لكن مضي المدة التي تمنع سماع الدعوى لا أثر له في صحة التصرف إن كان باطلا . يقول ابن نجيم: الحق لا يسقط بتقادم الزمان، قذفا أو قصاصا أو لعانا أو حقا للعبد ... . وفي التكملة لابن عابدين: من القضاء الباطل: القضاء بسقوط الحق بمضي سنين. ثم يقول: عدم سماع الدعوى بعد مضي ثلاثين سنة، أو بعد الاطلاع على التصرف، ليس مبنيا على بطلان الحق في ذلك، وإنما هو مجرد منع للقضاء عن سماع الدعوى مع بقاء الحق لصاحبه. اهـ.
وأما أصل السؤال فجوابه مبني على تحقق ثبوت هذا الحق في ذمة هذا الموظف، فإن كان للسائل حق ثابت في ذمة هذا الموظف ولم يسعفه القانون باسترداده، فلا حرج عليه في استيفاء حقه منه بأي شكل كان دون تعد، إذا ظفر به ولم يترتب على ذلك مفسدة أعظم من مفسدة ضياع الحق. وراجع في مسألة الظفر الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.