الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف مع الرجاء علامة الإيمان

السؤال

أنا شاب في الثلاثين، ملتزم في العبادات والشعائر، أخاف الله، ولكنني قطعت عهدًا مع الله أن لا أفعل إثماً، ولكن الشيطان لعنه الله أغواني، أنا الآن في عذاب وبؤس، أريد أن أُكَفِّرَ عن إثمي ونكثي لعهدي مع الله، كيف يرتاح قلبي؟ لأنني نكثت عهدًا مع الله.
أرجوكم كيف الخلاص لرحمة ربي؟ هل أتصدق؟ أقوم الليل؟ استغفرت الله كثيرًا، ولكن قلبي ينفطر، لأنه يحب الله، ولا يقوى على تصور عذاب الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالخوف من الله -سبحانه وتعالى- علامة على صدق الإيمان، كما قال سبحانه: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175]. والأمن من مكر الله -عزَّ وجلَّ-، وأليم عقابه إنما هو شأن الخاسرين، كما قال سبحانه: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [لأعراف:99].

فعلى المؤمن أن يحذر عقاب الله في الدنيا والآخرة، وأعظم دليل على خوف العبد من الله هو أن يكون شديد الاجتناب، والحذر من الوقوع فيما يغضب الله -عزَّ وجلَّ-. ولكن على المؤمن أن يعلم أن الخوف من الله إنما يحمد إذا كان باعثاً على العمل الصالح.

أما إذا كان الخوف من الله تعالى سيصل بالمسلم إلى حد القنوط من رحمة الله، واليأس من عفوه ومغفرته، فذلك مذموم غير ممدوح.

وعليه، فنقول -للأخ- إذا كنت قد وقعت في معصية الله، فعليك أن تسارع بالتوبة الصادقة النصوح المستكملة لأركانها بترك تلك المعصية والإقلاع عنها، والندم على ما فات، والعزم على أن لا تعود إليها في المستقبل، فمن تاب هذه التوبة تاب الله عليه، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عيه وسلم- بأن الله يفرح بتوبة عبده، وهو سبحانه لا يفرح لأنه محتاج إلى عبده، فتعالى الله عن ذلك، ولكنه يفرح -سبحانه- فرح الكرماء، فيفرح بتوبة العبد ليكرم هذا العبد، ويتفضل عليه بعد تسببه هو بالتوبة.

وإذا تاب العبد توبة نصوحاً، فليحسن الظن بالله أنه لا يرد توبته، ولا يضيع عمله، فإنه لا يضيع أجر المحسنين.

كل ذلك مع بقاء الخوف في قلبه، فلعل التوبة أن تكون ناقصة، فصلاح المؤمن مرهون باجتماع الخوف والرجاء في قلبه.

وما عمله الأخ السائل من الحسنات بعد الذنب فشيء حسن، وعليه أن يزيد من ذلك، فإن الله يقول: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114].

وعليك أن تعلم أن كرم الله وعفوه لا يتعاظم أمامهما ذنب تاب منه صاحبه، وراجع الفتوى: 5646.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني