السؤال
أنا أوسوس كثيرا في طهارتي، وهذا يزعجني كثيرا مما يجعلني أعيد الغسل والوضوء وأبدل ملابسي في كل صلاة تقريبا.
فدائما ما أحس بالتبول في ملابسي أثناء الوضوء للصلاة أو أثناء الصلاة بسبب الوسواس الذي يداهمني، فماذا أفعل إذا جاءني هذا الإحساس؟ هل ألتفت إليه أم لا ؟ وهل يجوز إبقاء هذا الوضوء لحين الصلاة القادمة أم لا ؟ مع العلم أنه أحيانا أحس بأنه فعلا قد تم خروج البول، وأحيانا أخرى بعد إتمام صلاتي أرى في ملابسي آثار دم من حيض قديم مع العلم أنها قد تم غسلها ونظيفة، فأبدل ملابسي وأعيد الوضوء والصلاة. فهل يجوز لي الصلاة في ملابس نظيفة ولكن أثر الدم لم يختف؟
لقد سئمت من هذا الوسواس فلا أرتاح إذا كنت متوضئة للصلاة أبدا لخوفي بالتبول أثناء الصلاة أو خلال انتظاري للصلاة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فداء الوسوسة من أخطر الأدواء التي إذا تسلطت على العبد أورثته شقاء وعناء لا يتخلص منه إلا بالتخلص من هذا الداء، وقد نبهنا في فتاوى كثيرة جدا على أن التخلص من داء الوسوسة يكون بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها وراجعي الفتوى رقم: 51601، فعليك أيتها الأخت الكريمة كلما وسوس لك الشيطان بأنه قد خرج منك شيء من البول أن تعرضي عن وسواسه وتمضي في صلاتك غير مكترثة بما يعرض لك من الشكوك والأوهام، واعلمي أن الأصل هو صحة الطهارة فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين أن الوضوء قد انتقض، وفي الصحيحين أنه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
فمتى كان انتقاض وضوئك مجرد شك ووسوسة فلا تلتفتي إليه حتى يحصل لك اليقين الجازم بانتقاض الوضوء، ثم إنه لا حرج عليك أن تصلي بهذا الوضوء ما شئت من الصلوات ما لم يحصل لك اليقين بأنه قد انتقض، فإذا فعلت ما أوصيناك به زال عنك العناء وارتفع عنك هذا التعب بإذن الله.
وأما الثوب الذي فيه شيء من آثار دم الحيض فلا بأس بالصلاة فيه، فعن أبي هريرة: أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه قال: فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلي فيه قالت: يا رسول الله إن لم يخرج أثره؟ قال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره. رواه أحمد وأبو داود، وهذا من رحمة الله بعباده وتخفيفه عليهم ورفعه الحرج عنهم كما قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 87}
وننبهك إلى أن من صلى ثم وجد في ثوبه نجاسة غير معفو عنها لم يلزمه إعادة تلك الصلاة؛ لأنه كان جاهلا بوجود النجاسة، واجتناب النجاسة شرط مع العلم والقدرة على الراجح، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 111752.
والله أعلم.