السؤال
يريد أبي أن يحرم أخي من الميراث ؛ لأنه عاق لأبي وأمي، وقد سرق ذهبا لأمي قيمته حوالي أربعة آلاف جنيه ، بجانب سرقته لمئات الجنيهات التي تعتمد عليها أمي لإطعامنا ، وعندما يطالبه أبي برد ما سرقه يدفعه أخي العاق ويصيح فيه وفي أمي ولا يراعي سنهما ولا مرض أبي بالقلب. فهل يجوز لأبي حرمانه من الميراث لعقوقه وسرقته، أو هل يجوز لأبي استقطاع قيمة ما سرقه أخي من نصيبه من التركة، وأيهما أولى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فما ذكرت من سلوك أخيك مع والديه هو من أعظم درجات العقوق وأبلغ أنواع الإساءة، وذلك بلا شك من أكبر الكبائر وأشنع المنكرات، فالواجب عليكم نصح هذا الأخ وتخويفه عاقبة العقوق، ويمكنكم الاستعانة ببعض الأقارب أو غيرهم من أهل الدين ليردوه إلى الصواب.
أما عن رغبة الوالد في حرمان هذا الابن من الميراث، فليس له ذلك فإن الميراث إنما يكون بعد وفاة المورث، فإن كان قصده أن يوصي بحرمانه من حقه في التركة فهي وصية باطلة لا تصح، وانظر الفتوى رقم: 50662.
وإن كان المقصود قسمة ماله على أولاده في حياته وحرمان هذا الولد فذلك جائز، قال ابن قدامة: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، والعطية في معناه. انتهى.
وأما عن الأموال التي سرقها الولد من والديه فهي ملكهما، فإن قدرا على ردها منه وإلا فلهما أن يرفعا أمر الولد إلى السلطات لردها، وإذا لم يردها في حياتهما فهي دين عليه يلزمه رده للورثة، وينبغي لوالديه أن يدعوا له بالهداية، فإن دعوة الوالد لولده من الدعوات التي لا ترد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن، دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
والله أعلم.